كنت متعودة كل نهاية عام ان اهدي والدتي الحبيبة التي تعشق الزهور نبتة البوانسيتيا الحمراء وقد حاولنا معا مرارا ان نحتفظ بالنبتة طويلا حتى نستنبتها كشجرة في حديقتنا خصوصا وان منها عدة اشجار في بعض حدائق بيوت بنغازي غير انها الى اليوم - حسب علمي - لم تنجح امي في الابقاء عليها لظروف التربة او ملوحة طل بحر قاريونس
كنت في مثل هذا الوقت من العام امر على مشاتل بنغازي ابحث عن اجملها واكبرها واكثرها بهاءا لتليق بحجم الفرحة التي سترتسم على وجه امي الطيب حين اقدمها لها ، وبحجم افضل ركن في البيت لتستقر فيه نراها حين خروجنا ودخولنا نستمد من جمالها استفتاحا ليومنا
كنت اراقب امي وهي داخل البيت تتحرك بدأب لا تعرف الكلل والملل من اشغال البيت المرهقة تتوقف هنيهات لتتأمل النبتة البهية
كنت افكر دائما انها تستمد من وجودها ولمستها على المكان دافعا لأن تستمر فثمة جمال وثمة الله جميل ويحب الجمال
هذه الايام تحاصرني البوانسيتيا في كل مكان، زوجي احضر اثنتان للبيت فجأني بهما
وامام محلات المنطقة تصطف النبتة الجميلة تغري العابرين والمارة بشرائها واي شراء اراهم يحملونها ثلاث ورباع في عربات التسوق وانا كلي اشتهاء ان اشتري اجملها وان اجد وسيلة ان اغرق بها بيت اهلي هناك بها
افكر ان امتلك وسيلة ابعث بها اجملها وابهاها
الصفراء والبيضاء المعشقة بالوردي الهادئ والبرتقالية الشاحبة المزركشة بقليل من الاصفر والوردي
وهل ثمة اسرع من تدوينة هنا
البوانسيتيا وللعجب متعددة الالوان فقد لعب المستنبتون لعبتهم واضافوا قطرة هنا واستغرسوا فريع هناك وقصوا ووضعوا هرمونات وكانت النتيجة الوان لايتخيلها غير من يراها عيانا كما يحدث معي ويثير قلقي وشجني
منذ ايام وانا اتقلب على الجمر كلي شوق لأمي لأهلي ولبلادي والبوانسيتيا فعلتها بي والعيد المقبل على الابواب استلم الباقي مني
عزائي انني هنا استمتع بوقتي واستفيد مما هو متاح لي من فرص التعلم والاستزادة من الجوانب الايجابية التي ربما نفتقدها هناك
يبدو ان البوانسيتيا عالم كبير وبحر هائل من تاريخ عجيب فهي نبتة استوائية موطنها الاصلي المكسيك وكان الازتك يسمونها كويتلاكسوشيتل ويستخلصون صباغا احمر من قناباتها الحمراء التي يظنها البعض بتلات زهرتها وهي غير ذلك فليست زهرتها الا قلبها الصغير الاصفر الذي يتوسط اوراقها الحمراء
فيما يسمونها تاج الانديز في التشيلي والبيرو
ومن اسماءها الاخرى الزهرة المشتعلة وزهرة الكركند ونجمة الكريسماس ووردة الشتاء ونوتشي بوينا ولالوباتي وزهرة اتاتورك في تركيا والاسكندرانية في اليونان وستيللا دي ناتالي في ايطاليا
Euphorbiaceae وهي جزء من عائلة
والعديد من نباتات هذه العائلة تفرز حليبا ابيضا لبعضه اعراض مهيجة للبشرة مثلما الحال في البوانسيتيا غير السامة
والغريب ان من اول استعمالات حليب البوانسيتيا دواءا للحمى عند الازتك وشعوب اريكا الجنوبية
تنبت شجيرة البوانسيتيا ذات الزهور الموسمية في الطبيعة حتى تصل عشرة اقدام طولا ويتم تثمين نبتة البوانسيتيا وفقا لعدد زهورها كلما زادت كلما ازداد سعرها
كما ان السر في معرفة افضلها ان لايكون غبار طلعها الاصفر متناثرا بكثرة في وسط زهيرتهاا فتلك التي اخرجت طلعها سرعان ماتتساقط اوراقها الحمراء - علي ان اتأكد من هذه الحقيقة في نبتاتي فأنا اكتب هذه التدوينة واترجم هذه المعلومات آنيا من عدة مواقع استجلبتها بالبحث الآن- المهم نسبة البوانسيتيا 85% من نسبة مشتريات نباتات الاصص في موسم الاعياد و 90% من تستورد من الولايات المتحدة الامريكية حيث تزرع لغرض التجارة في الخمسين ولاية وتتصدر ولاية كاليفورنيا اعلى قائمة الولايات المنتجة للنبتة
اقدم ذكر للنبتة كان في القرن 17 حيث ذكرهاعالم النباتات خوان بالمي في كتاباته
وتم استقدامها الى امريكا عام 1825 على يد جويل بوانسييه اول سفير امريكي للمكسيك (1825-1829) الذي كان يعشق النباتات وهو الذي اسس ما يعرف الآن بمؤسسة السميثسونيان وهي مؤسسة تملك العديد من المعارض حول العالم وتعني بنشر المعرفة بين البشر
سحرت بوانسييه النبتة بلونها القرمزي المشتعل فعمل على ارسال بعضها الى جنوب كارولينا ونشرها بين المستنبتين من اصدقائه في امريكا حيث باعها احدهم تحت اسم اجمل اليوفوربيا ولم تنال اسمها الحالي الا حوالي عام 1836 نسبة لجالبها
صدر قانون من الكونغرس الامريكي بتسمية يوم 12 ديسمبر يوما وطنيا للبوانسيتيا وهو يصادف تاريخ وفاة جويل بوانسييه جالبها - يا للمعلومات ! لولاشوقي للديار ما اهتممت بهذا البحث!- ايضا هناك اكثر من 100 نوع من البوانسيتيا التي يباع منها ما قيمته 220$ مليون دولار امريكي واغلب المشتريون من النساء - طبعا فهن الاكثر عاطفية -(: ومن غيرهن
رحلتي مع البوانسيتيا اخذني من الويكيبيدا ومواقع اخرى الى امريكا اللاتينية ومن ثم عادت بي الي هنا حيث التقطت بالامس صورا من الجوار لبعضها على امل ارسالها لأمي عوضا عن النبتة التي - من الممكن - ان يهديها لها احد افراد العائلة اسوة بي ممن لا يجدون حرجا في ذلك بدون الاتكاء الى- معانيها التي لاعلاقة لها بعاداتنا وتقاليدنا حسب المزاعم!!- فأنا لا ارى فيها غير جمال الخالق عز وجل وهو الجمال الذي كثير ما اوقفني في الطريق لألتقط صورة لنبتة او التقط بذرة لنبتة وانا اسبح الله
اكتب هذا الموضوع وقد استشعرت حجم القلق الذي اثاره موضوعي السابق لدى الاهل والصديقات لأطمئنهم اني بخير ومبسوطة عالاخر :) وما هي الا لحظات مؤقتة والحمدلله- واني اعد العدة لأقتحام اول معمعة لي في اول عيد اضحى مبارك لي هنا فقد "سننت: السكاكين وجهزت القرمة وخططت لمشتريات الشواء والعصباااان :) وبهمس شديد جدا ايضا : القديد حتى لا تسمعني جماعات المحافظة على البيئة التي اتفق معها تمام الا في حكاية القديد فهي تجرى مجرى الدم في العروق ومجرى ليبيتي في الروح
عيدك امي الحبيبة مبارك وساهل وقليل الزفر
عيدك ابي الحبيب ممتع ولذيذ قليل الملح والدهون
عيدكن صديقاتي سعيد وممتع في منتجع القمر براس الهلال
وفي البيضاء ذات الخراف الخالية من المرض والُمعتنى بها جيدا من قبل طبيب بيطري مهم جدا في مزرعة ما
وفي بنغازي وطرابلس
في كل مكان
عيدكم المدونات والمدونين جميعا سعيد
وكل عام وجميع المسلمين بخير وصحة وسلامة
ليلى النيهوم - هناك