تحت الِديّمة
قلتُ لها حين انحنتْ بحنو عليَ : أرأيتِ ما حل بهما! نمت أشنات الناقع الملحي وكل ما دبّ في البحر من قواقع وابواق كلسية فما عدتُ اُطيقُ مدهما للناظرين، واني التمس متوكأت خصيصة كي انطلق من دار لجدار
دمعي كهطلٍ وتهتانٍ حل على الوادي الوسيط
إرتججتُ الماً حين انتزعتْ منهما اول العوالق من حشد الطفيليات النامية والتي تليها - فيما ارمقها متغضنة الجبين من معتصر ألمي - ترميها في المحلول الخلي تتلوي مجساتها في كل منطلق
كم سيستغرقني هذا العذاب من نزعٍ ومن غيبٍ في سديم لحتى يُجهّلُني من اكون
اري ساقي يُقتلع جزء من لحمها مع كل عالقة
حتى كدت ارى ما وراء العظم
حين انتشلتنيْ من البركة التي انزلقت فيها وانا اركض نحو النجاة بالثقلين الى اي مفر متاح ، شهقتْ لمرأي ما حل بهما
اه يا اماه ارأيتِ هذا يحدث لأحد قبلي؟
جف ماء عيني
وانسدل سقف حلقي!
****
تمضي العربة - الأشبه بعقرب سوداء متفاورة السم تحت الِديّمة التي طالت ايام واغرقت بساتين اللوز والخوخ حتى التلال المطلة على تيهاتشبي- تمرق بين حصص الطريق السريع الـ 99 شمالا المكتضة بالشاحنات المرتجة المتمايلة حد خطر الانزلاق
اغوص في الصوف المتكهرب الذي يلفني وفي القفاز الذي يحتوي رجفة يداي،
في الخزانة الخلفية وبين امتعة الترحال برتقال لما ينضج بعد ومعاطف واقية من المطر ومجلة اورفيوس الشعرية وسيديهات اغاني لكل الاذواق.
خرجنا عصرا منذ ثلاثة ايام على مرأي المزن المبثوثة الآيلة للفيضِ
ان نرجع ونصل ولو مشارف سيلما قبل انسدال ظلام العشية وانبثاث اول نفخ السديم امر في علم اطوار الطريق وامزجة السائقين بين ثمل وناعس ومهموم تدور بعمامته السيخية اوراق الضرائب وانذارات السداد وبيت مرهون لمصرف يتداعى تحت سائطة الازمة الاقتصادية الضاربة عرض البلاد وطولها.
****
حدثيني عن باب غرفتي المغلق حين تمرين به في الصباحات الكسلى توقضين النائمين وتكادي تطرقينه!
وعن الرواية حين تتخيلينها يخرج طرفها من الغطاء ترفعينه فلا تجدينني.
****
يتكثف رذاذ سابقنا على الطريق ويغمرنا ونحن في عمق هطول الدِيّمة يحرثُ هطلُها سقف الكورفيت واديم حقول توليري المنبسطة مغرقها في كرم غيرمألوف لسماء عانت عسرا وشحاً.
اقتلع مزراع كل اشجار اللوزالهرمة في البستان ومددها على الارض كمحاربين اعلنوا الملل واستلقوا في ذروة الوطيس.
حين نعبر ذات الطريق الاسبوع القادم سنرى الحقل بستان عنب او ليمون حسب احتياج السوق.
سأحزن من كل بدٍ لشجرات اللوز اللاتي احببت وستحن كاميرتي لبهاء إزهارها
وإن فرح مستتر سيتسلل لروحي المتقلبة الملول لقرب تغير المشهد فلا شيئ يجب ان يكون مثل اي شيئ هنا
ولا على الايام ان تشبه بعضها قط
فلم اعد اشبهني
****
سأختار دائما ان امضي جنوبا الى مدخل الـ 99 السريع عبر شارع تيمبرانس على امتداد انبساط بساتين البرسمون والبرتقال والبيوت القديمة المتداعية تحكي فصول من قدوم اوائل المستوطنين قرب بوابة السييرا نيفادا يجربون الحظوظ على ايقاع العصافيرالطنانة المتوجة برحابة السماء وعلى جيدها التماع القرمزي والزبرجدي المزرق يلقي بمرح ظلها على الحقول المتدثرة بالشقائق الذهبية ، فيما ينسحب المكسيكيون اضطرارا تاركين جنتهم خلفهم وطابع ُطرُزهم المعمارية واسماء الاماكن
ادوس على الكابح اذ يعبر ذئبا هائلا اسود الخطم طريقي عدوا قافزا بجلال آسر سياج المزرعة المهملة على يميني ليقف وسط عشبها السامق ملتفتا ينظر الينا مستنكرا وانظر اليه مشدوهة
اركن العربة حافة الطريق وسط الاعتراض لأترجل حثيثاً صوب السياج الخشبي الخفيض المتداعي اتابع بأوسع عدسات كاميرتي ذئب الوادي الوسيط المهيب يغيب غربا .
****
في الحلم حين تلوت الأشنات وعوالق المناقع والسبخات المردومة و ضاعت الطرقات الغاصة بديمتها والدروب الافعوانية في مسالك الجبال المكللة بالثلج ألمحكِ والقلق يراوغ في حنو التفاتكِ نحوي.
! لو تعُبّرين فقط
لو تطلقين للريح فيض مشاعرك المسروجة
اسألك:
آه يا اماه أرأيتِ هذا يحدث لأحد قبلي؟
جف ماء عيني
وانسدل سقف حلقي.
ليلى النيهوم
تيهاتشبي - ديسمبر 2010
No comments:
Post a Comment