Sunday, March 05, 2006

زقاق الهشيم - تفاصيل روائية

قيل أن كتابة رواية هي رحلة في عمق المجهول ,رحلة طويلة ومضنية يمضيها الكاتب وحده ضائع في متاهة شخصيات تتمرد على مختلقها وتختار طرقها لوحدها مستعبدة قلمه ومتحكمة في قدرها الخاص.وهي هواية المتوحدين, الذين يمنحون أنفسهم لنداء الورق وإلحاح الحبر وسطوة الخيال.وهي صنعة الذين يتمتعون بسعة البال والقدرة على الاختفاء لوقت طويل عن المرح واللهو والتأنق والأهل والصحب والخلان والقيل والقال.
وايضا الرواية نوع من الحفر والتأسيس والتشريح الجسدي والنفسي وتصميم الأزياء وهندسة الديكور والجغرافيا والتاريخ بل والدراية بكل العلوم الممكنة , وبكل تأكيد الدراية بالحياة والانتباه للتفاصيل حتى العابر منها .
الروائي إنسان يقظ متحفز للآخرين والأمكنة والزمان حتى وان كان غير متيقظ لنفسه.
حول هذا وخلافا له تتحدث الروائية الأمريكية جاكلين ميتشارد صاحبة العديد من الروايات والمجموعات القصصية وكتب الأطفال لمجلة ذاريتر : -الكاتب- التي تعني بشئون الكتابة وتعتبر منهلا للكتاب الغربيين.
حازت ة جاكلين ميتشارد- صاحبة افضل الروايات مبيعا - الشهرة والثروة , ولكن هذا كله لم يجعل شخصياتها تتصرف بلياقة عن ذي قبل كما تقول مازحة ا ن شخصياتها تخذلها ولا تأخذها في رحلات رائعة مثلما تفعل شخصيات أصدقاءها الكتاب الآخرون , تضيف مازحة أن شخصياتها كسولة , نهمة, ما ان اترك حاسوبي حتى تخرج المشروبات ورقائق الذرة وتلتهم كل ماتجده إمامها ,و عندما أعود أجدها في حال سيئ لاهية صاخبة , لذلك افرض عليها جدول عمل صارم مثل الذي افرضه على نفسي.
صدرت رواية ميتشارد الأولى : طرف المحيط العميق عام 1996ف عندما كانت في الأربعين من عمرها , ووصلت حينها الى المرتبة الأولى في مختارات نادي أوبرا وبنفري للكتب وتحولت لاحقا الى شريط سينمائي.
أخر إعمالها الروائية : زقاق الهشيم . وهي رواية تحكي انهيار اسرة صحفية كاتبة عمود نصائح بعد أصابتها بتصلب شرايين مضاعف.
تعيش ميتشارد وهي أم لست أبناء تتراوح أعمارهم بين سنتين وعشرين عاما في ماديسون في ولاية ويسكونسين.
تحكي ميتشارد عن قصتها مع الكتابة وكيف تكتب في خمس نقاط اختصرت فيها تجربتها الروائية بادئة بماذا : تقول لأن هذا ما أجيد فعله , فلو كنت أحسن الغناء لكنت أصبحت مغنية . تضيف إن الناس تتعلم من خلال القصص أكثر مما لو حاولت إن تشرح لهم ببساطة ما تعتقد انه حقيقة كونية. ولذلك لماذا رغم انني لست متدينة تماما فقد قرأت الأنجيل مرتين بتعمق.
وتقول في شرحها لأهمية الأفكار لنسج رواية ان كل رواية تبدأ بسؤال, ماذا لو ان امرأة عملها تقديم النصائح للأخرين وخلال كل الوقت , وبدون ان تدري اصبحت حياتها مثل الرسائل التي تتلقاها ؟ او ماذا لو ان طفلة شاهدت جريمة تمس أسرتها , وكان والديها قادرين على الصفح عن المجرم ورفضت هي ؟ لذا فأنها دائما تبدأ بسؤال وتكون الرواية هي الإجابة وإنها وجدت حسب قولها ان" اللحظة عندما يتغير كل شيئ للأفضل اوللأسو أ" كما قال احدهم يوما , عندها اكون عثرت على قصتي .
في تحليلها لكيف تكتب تصل ميتشارد الى الشخصيات , فتقول ان اجمل ماقاله النقاد عن كتبي ان شخصياتي حية وتتنفس كأشخاص عرفتهم , فهي ليست جواسيس او عملاء مخابرات او خبراء جنائيين . شخصياتي هم جيرانكم : الذين تلمحهم خلف النافذة المضاءة حين تمر في الليل – تلك رواية , وفيها تحدث الأشياء دراميا بطريقة لا يمكنك تصديقها لو كنت ذبابة على الجدار. انا اكتب عن اناس عاديون لأن حياتهم تشدني , وايضا لأنني واحدة منهم ايضا , فأنا ابنة سباك من الجانب الغربي من شيكاغو لا حسب ولانسب.
وتتحدث جاكلين عن البحث وهو أهم جانب بل هو البنية التحتية للرواية التي تسعي لمراتب متميزة في سباق الجودة والفرادة وقلوب القراء والتاريخ ايضا.
تقول: انا مولعة بالبحث . والنثر عالم غير مرئي ,ولكنه عالم حقيقي , ويجب ان يكون فيه نوافذ وخزانات و وبناطيل "بلو جينز" ويجب ان يكون مقاسها مناسبا . يجب ان تعرفوا ماهو طول االشخصية مثلا وماهي الموسيقى التي تستمع لها وعلى أي جانب من الفراش تنام ولماذا . لا استطيع ان اقول فقط في "زقاق الهشيم" , "ان غاب يعاني من صعوبة في التعلم , يالله ان الاولاد الاخرين عايروه بذلك", بل يجب ان اعرف تحديدا أي نوع من هذا النقص وكيف يؤثر فيه في كل مستوى تعليمي , حتى لو لم استعمل كل المعلومات التي توصلت اليها في بحثي . البحث اشبه بأن يكون لديك حليب مجفف اثناء عاصفة ثلجية – اذا احتجته , تجده هناك , ويمكنك حتى ان ترسم عليه.
وتضيف ان كل رواية كتبتها كان لها مخزونها المحفوظ من ابحاث ,كأنها في خزان محكم يجب ان يوجد لدى أي كاتب رواية جدير بكونه روائي حقيقي يغرف منه متى يشاء. وتوضح انه عندما يصل منسوب خزانها البحثي الى ثلاث ارباعه تعرف انها مستعدة عندها للشروع في كتابة الرواية.
ومن اهم نصائحها لمن يرغب في كتابة رواية جيدة ان يقرأ كتبه المفضلة مرارا وتكرارا ومحاولة نسخها , ولايعني هذا نسخها بمعني الكلمة انما كما في حالتها كانت تمضي تحاكي اسلوب ترومان المتلخص في : كلمة-واحدة-ستكون – مناسبة –اذا-كانت-اسلوبيا-الكلمة –المناسبة.وبهذا فقد وصف لها ماتعنيه رشاقة الأسلوب. وقد نسخت ونسخت اسلوبه واسلوب اخرين يعجبونها , حتي وجدت اسلوبها الخاص.وتقول انها تعرف ان لدى العديد من الناس قصصا رائعة في جعبتهم . ولكنهم لايجلسون لتدوينها لأنهم لايعرفون من اين يبتدأوا . تقول ناصحة عليهم ان يبدأوا ب : "كان يا ما كان" ثم يعودون لاحقا ليجدوا اين الرواية ابتدأت فعلا
.