Thursday, March 15, 2007

سافرت بعيدا - ادواردو غاليانو



حين كانت حين كانت لوثيا بيلايث صغيرة جدا قرأت رواية وهى تحت الاغطيه . قرأتها جزءا بعد آخر ، ليلة بعد اخرى ، وكانت تخبئها تحت مخدتها . لقد سرقتها من رف خشب الارز حيث كان عمها يحفظ كتبه المفضلة مع مرور الاعوام سافرت لوثيا بعيدا.سارت على الاحجار فى نهر انتيوكيا ، بحثا عن الاشباح ، وبحثا عن البشر . مشت فى شوارع مدن عنيفة . قطعت لوثيا طريقا طويلا ، وفى مسار اسفارها كانت ترافقها دائما اصداءُ تلك الاصوات البعيدة التى سمعتها بعينها حيث كانت صغيرة . لم تقرأ لوثيا الكتاب مرة اخرى . لم يعد بوسعها ان تتذكره . لقد نما فى داخلها بحيث تحول الى شىء آخر : إنه هي الآن
ترجمة : اسامة أسبر


حينها المختـــــــــــــــــــــــار



الروائية الهندية أنيتاروا بدامي لا تحب التحدث عن روايتها المقبلة لأنها حسب تصريحها : في اللحظة التي أفتح فمي وانطق بتفاصيل أو عموميات روايتي ستتحول إلى غبار
والبعض يحاول الكتابة مختنقاً في عاصفة غبار تُزُوبعْ حوله ذرات حروف وجمل وفصول واحداث وشخصيات وركام مشهديات وتصاوير وأخيلة . دمار شامل كان تدفق من فمه .عندما كان من النوع الصموت المتأمل المندهش كان أكثر تركيزاً وأقدر على القبض على اللحظات المُلهمة وأكثر انصاتاً للإملاءات الموحاة والمواقف الحياتية الجديرة بالإستعارة
. ثم ترى صديقتي الكاتبة المتأنية جداً أنها لو تسرعت وكتبت حرفاً واحداً , الآن من الرواية التي تعتمل وتتماوج وتتكون في داخلها منذ سنوات طوال فسوف تنسف مشروع عمرها الأبداعي .
الفرق بين الثلاثة أن أنيتاروا بدامي لا تتكلم عن عملها الروائي ولكنها تدون أول بأول ما يطرأ على شخصيات روايتها في أطنان من كراسات الملاحظات ( حسب قولها )لتجلس بعد فترة تجمع الخيوط والأحداث المتبعثرة والأجواء والأمكنة والزمان والحبكة والخياال وجزئيات الحقيقة حسب مشهديتها الذهنية حال ترتّبها وصفاءها لتخرج بها على الأكثر بعد ثلاث سنوات برواية تهز العالم الإبداعي كما حدث مع روايتها السابقة مشية البطل
طرف آخر رابع يدخل الصورة الروائية الأسبانية نورية آمت ترى بعد اكتشافها مبكراً أن الكتابة نهجاً حياتياً فعندما يقذفها العالم إلى أبعد مدى , العالم الذي في اعتقادها شرير وغير عادل تجد في الكتابة ملتجأ ,مكان تلتصق به وتعيش بالكيفية التي تحب تماماً ووفقاً للقيم التي تتمسك بها ولو أنها لم تجد هذا الخلاص لكانت وصلت الى طريق مسدود وانعدمت لديها الرغبة في العيش
فالكتابة نداء داخلي, هي مهمة وخيار حياتي فائق الأهمية يظل لديها امنية أن لا تصمت الموحيات ولا تصمت الدهشة وأن لا يتوقف القلم , هذا رعبها الأكيد
الطرف الخامس منظور آخر وبدائل أخرى فالشاعرة الانجليزية هيلين همفري توقفت عن كتابة الشعر مؤقتاً توصلت إلى هذه القناعة بعد أن قرأت كل المجموعات الشعرية التي صدرت خلال عام ما .. فتحررت من وهم الشعر ما عادت بقادرة على كتابته لقد أحبطها ان الشعر الذي كان مكانا يمكن للقارئ دخوله والاضطلاع بتجربة القصيدة ما عاد كذلك ,والرواية اصبحت مكاناً بديلاً يمكن للقارىء دخوله والعيش هناك , فيما لم يعد ثمة مكاناً داخل الشعر المتمحور حول الشاعر وصوت آناه , فهي لم تعد لجهة شعرها الخاص تبتدع شيئاً مختلفاً عن مجموعاتها الشعرية السابقة وأن كتبت ستعيد قصائدها ولذا في النهاية لا تود التكرار رغبة في التطور الشعري متنقلة الي الرواية وأنها عائدة للشعر حين تصل إلى صيغة شعرية تمحو من خلالها (الأنا ) من قصائدها ونهائياً
صديقتي الثالثة تتثاقل تحت وطأة الضجيج الروائى الذي يتفاور في ذهنها , تحت سطوة الشخصيات التي تتورم وتتعملق ضائقة بالفضاء الذهني متنامية على حساب الزمان والمكان الافتراضيين
الجدال معها حول كسلها واكتفاءها بالأختباء وراء تقديم اعمال الأخرين كصرخة في وادٍ سحيق فلها فلسفتها الخاصة , لها حينُهْا المُختارْ , عسى أن لا يطول انتظارنا وأن لا يتفاجىء لاحقونا أنها كانت تخزن روايتنا نحن , تنتظر الختام لتلملم غبارنا على أوراقها

ليلى النيهوم