Wednesday, July 25, 2007

ظـُلمة الهيكيكوموري في ليل هاروكي موراكامي





تدور أحداث رواية " بعد ظلام" أحدث روايات الروائي الياباني هاروكي موراكامي ، ذلك الروائي الذي أصبح سوبر ستار الرواية الفنتازيا الحديثة حول عملية التحول أو النفور وتقع أحداثها في إحدى كبريات المدن اليابانية خلال ليلة واحدة ترصد منذ الساعة 11:52مساءاً حتى 6:52 صباحاً ما يحدث لشقيقتين
الأولى ماري أساي ذات التسعة عشر ربيعاً ، الطالبة الجامعية التي تمضي ليلتها تحتسي القهوة منزوية تقرأ كِتاباً سميكاً في مطعم ومقهى " ديني طوكيو" حيث تلتقي تاكاشي الطالب عازف الترومبون الذي يعرف شقيقتها " إري"ويصر على أنهم سبق التقاءهم والتسكع معاً . تكثر ماري من احتساء القهوة لمقاومة النوم في نوع من الاحتجاج غير السوي لما يحدث لأختها الأكبر ، إري التي تعاني من إنسحاب اجتماعي وهي حالة يطلق عليها هيكيكوموري – كما يقوم شخص شرير بمراقبة إري أثناء نومها
إري التي تعمل عارضة هي المستهدفة باحتجاج ماري كونها تمكث في السرير منساقة بشكل غامض إلى حالة من النوم المتطاول لشهرين
تتقاطع سبل ماري مع بطل مُصارعة ، اثناء عملها مديرة في فندق الحب ( الذي أشار تاكاهاشي عليها بالعمل فيه) ومع بائعة هوى صينية تعرضت للضرب المبرح وجُردت من ممتلكاتها وايضا مع خبير كمبيوتر سادي النزعة في نفس الفندق فيما تأخذ حكاية إري شكل مُغامرة فنتازية داخل جهاز مرئي مُطفأ يعود للاشتغال فجأة مثلما في فيلم طارد الأرواح
تقع الرواية في مكان في عالم بين الواقع والأحلام عبر200 صفحة من النثر الصريح المُسطح في شكل فصول قصيرة متنوعة ، مع عنصر شوق مُضاف – له صلة بعد حداثوية وهو ما يُضفي على لمسة الزمن الحقيقي الذي يبدأ من ساعات الليل الأولى
وبالرغم من عيش الأختين في عالمين يمضيان في توازي متمايز تتقاطع قصتيهما في ارتباط عسير الوصف بقصة ثالثة لرجل يعمل حارسا لمقبرة ويُخفي سِراً رهيباً
لقد شُبه موراكامي مؤخرا بالكاتب ديفيد لاينش الذي يستغل ساعات الاستيقاظ كخيار مؤقت لكتاباته الشبيهة بالأحلام ، مُبدعاً قصصاً سوريالية قاتمة في وضح النهار
الرواية مشغولة بفنية فائقة مبنية في بيئة ليلية تخدم حس الزمان والمكان والعادي والدنيوي متضمنة السؤال حول الخيار البسيط : هل النوم أم البقاء صاحياً ؟
التعمق في أعمال هاروكي موراكامي يقود إلى شبكة شديدة التعقيد من التأثرات الأدبية الغربية بكل من فرانز كافكا وترومان كابوت وج.د سالنجر وستيفن كينغ وريموند كرامز سادة الرعب والسوريالية والنثر السوداوي ، إضافة إلى سعة الخيال والإغراق الفنتازي الياباني وإن تخلصت من تركيز الأدب الياباني على جماليات اللغة على حساب الموضوع الذي عادة ما ينشأ عنها اعمالاًجافة محصورة المدى فأسلوب موراكامي حر ومُنساب نسبياً ، إضافة إلى تأثر أعماله بإشتغاله لزمن معين في المجال الموسيقي مما انعكس كثيراً في موضوعات رواياته من حيث تكرار التيمة الموسيقية وعناوين الأغنيات والشخصيات من عازفين ومُغنيين وعاملين في المجال الموسيقي
رواية بعد ظلام ترجمها جاي روبن إلى الانكليزية - صدرت في مايو – الماء 2007 م بعد صدورها في الأصل عام 2004م . ترجمت إلى الروسية عام 2005م. والهولندية 2006 والصينية المبسطة 2005 والى الفرنسية 4/1/2007م. والى الرومانية عام 2007 ايضا
هذه الرواية المحكمة تقع في الفاصل بين الليل والنهار ، الحياة والموت ، الأحلام والواقع وبين شقيقتين لايمكن ان تكونا أكثر اختلاف عن بعضهما


ليلى النيهوم