Sunday, March 25, 2007


الأخُتـــــــــــــــــــــان

قصــــة : كاثرين رنتالا
ترجمة : ليلى النيهوم


مرة كان ثمة أختان. واحدة ارتدت نفسها من الخارج للداخل, والأخرى من الداخل للخارج. من كل الأوجه باستثناء العمر تشابهت الأختان كثيرا بقدر ما يمكن لأختين أن تتشابها. في كل الأحوال كان شبها كبيرا وان لم يكن كثيرا في المطلقكانت الأخت الأولى تستوعب كل ما تراه داخلها , فهي اخذت كل شيء داخلها من الخارج . في يوم قالت لنفسها :اليوم سوف أتعلم اللغة اليونانية ..وحققت ذلك
في يوم أخر قالت- أريد أن أكون عازفة بيانو كلاسيكية.
وفي أحيان كانت تتلقف الأشياء داخلها بدون تعليق , فقد اشترت سيارة , وأنجبت طفلا ,ولم تقل شيئا ,لم تذكر مثلا ما إذا كانت لا ترغب في الاحتفاظ بهما طويلا
الأخت الأخرى, استوعبت داخلها كل الأشياء أيضا, غير أنها لم تكن بقادرة على الاستفادة منها بشكل عملي لذا ما كانت تأخذه تفكر فيه, ثم كانت تبحث عن شيء يمكنها الحصول عليه ويكون شبيها به ! فهي كانت ترتدي نفسها بالمقلوب وسرعان ما أصبحت لديها غرفة مكتظة بأشياء كانت أخذتها داخلها ثم أخرجتها , أيقونات مطقطقة , أمفورات منمنمة , مسجلة لتستمع منها لأسطوانات كانت اشترتها بعد أن سمعت أشياء جميلة . وكذلك أشياء من مراقبتها لأختها , وأشياء ليست من تقليدها لأختها . أيضا كتاب رائع التجليد , وفأر
أحيان كانت الأختان تجربان بعضهما البعض, بمعنى أن كل واحدة كانت تُجرب الأخرى بالمقلوب. غير أن الأمر لم ينفع . فواحدة لم تكن تهتم بأشيائها . واكتشفت الأخرى أنها لا تستطيع الكلام . فعرفتا أن كل أسلوب يتطلب مهاراته الخاصة.
ذات مرة حاولت كل واحدة ان تكون مثل الأخرى . وفي نهاية اليوم كانتا في منتصف هذا , أو منتصف ذاك . بعدها ارتعبتا أن تتطلب التجربة من كلتيهما أن تصبحا واحدة. ثم تفاقم رعبهما من أن لا تظل أحداهما لتكون أختا للأخرى . ثم خافتا من أن تموتا معا.
في يوم ماتت أحداهما. ذات الخارج للداخل . هكذا بكل بساطة. كانت تستلقي في فراشها تفكر ما الذي يمكن أن تفعله لتموت . ثم فعلت ذلك .
لم تصدق الأخرى ما حدث ووقفت لوقت طويل مصعوقة تحدق في أختها متوقفة الأنفاس.
نظر الطبيب للسرير وقال :
لقد ماتت بعد هنيهة أو يزيد بدأت الأخت ذات الداخل للخارج تتنفس فجأة وبعمق. اقلق ما يحدث الطبيب الذي التفت ليراقبها. حين لم يستجد حدث جلل غادر المكان.
عندما غادرت هي بدورها. كانت نفسها فقط. لم تعرف تماما ماذا ستفعل . فقد اخذت داخلها شيء ما , ولكنها لم تستطع استعماله بأي طريقة عملية . ومن ثم خافت أن تموت. ومن ثم خافت ألا تموت أيضا .

Friday, March 23, 2007

Faded Henna


















Leaving loudly

Like a faded Henna
upon memory's silky texture
your aging love

Like visionary browned meadows
crying tenderness bygone



like a writer's flowery pen
pinning language's butterflies
on each question mark.

laila Neihoum

Saturday, March 17, 2007

Lost songs found


Lost songs found

Off-shore love
paid vehemently
upon isles splurgy shores
with shells
with sea bird dives
with supplicated debris

Off-shore courting
fatigued love songs
shattered melodies
wind driven
across Pathos Agoura
some dangling
from selphium
crowned Grecian columns
others trapped in skewed
ancient "Awshaz"
moaning saint Marcus safety
before "karssa" fire
before ever.

Off-shore loaming grand wave
galloping chaos
flattening eyes panoramic fear.

Off-shore stillness
vacuuming last chance
justification .

Laila A. Neihoum



1- old caves in The Green Mountain – in the northern east Libyan coast where Saint Marcus a long time age had hide there .
2- Karssa is a small mountainous village in the green mountain surrounded with woods where a big fire changed the place's scenery
.

Thursday, March 15, 2007

سافرت بعيدا - ادواردو غاليانو



حين كانت حين كانت لوثيا بيلايث صغيرة جدا قرأت رواية وهى تحت الاغطيه . قرأتها جزءا بعد آخر ، ليلة بعد اخرى ، وكانت تخبئها تحت مخدتها . لقد سرقتها من رف خشب الارز حيث كان عمها يحفظ كتبه المفضلة مع مرور الاعوام سافرت لوثيا بعيدا.سارت على الاحجار فى نهر انتيوكيا ، بحثا عن الاشباح ، وبحثا عن البشر . مشت فى شوارع مدن عنيفة . قطعت لوثيا طريقا طويلا ، وفى مسار اسفارها كانت ترافقها دائما اصداءُ تلك الاصوات البعيدة التى سمعتها بعينها حيث كانت صغيرة . لم تقرأ لوثيا الكتاب مرة اخرى . لم يعد بوسعها ان تتذكره . لقد نما فى داخلها بحيث تحول الى شىء آخر : إنه هي الآن
ترجمة : اسامة أسبر


حينها المختـــــــــــــــــــــــار



الروائية الهندية أنيتاروا بدامي لا تحب التحدث عن روايتها المقبلة لأنها حسب تصريحها : في اللحظة التي أفتح فمي وانطق بتفاصيل أو عموميات روايتي ستتحول إلى غبار
والبعض يحاول الكتابة مختنقاً في عاصفة غبار تُزُوبعْ حوله ذرات حروف وجمل وفصول واحداث وشخصيات وركام مشهديات وتصاوير وأخيلة . دمار شامل كان تدفق من فمه .عندما كان من النوع الصموت المتأمل المندهش كان أكثر تركيزاً وأقدر على القبض على اللحظات المُلهمة وأكثر انصاتاً للإملاءات الموحاة والمواقف الحياتية الجديرة بالإستعارة
. ثم ترى صديقتي الكاتبة المتأنية جداً أنها لو تسرعت وكتبت حرفاً واحداً , الآن من الرواية التي تعتمل وتتماوج وتتكون في داخلها منذ سنوات طوال فسوف تنسف مشروع عمرها الأبداعي .
الفرق بين الثلاثة أن أنيتاروا بدامي لا تتكلم عن عملها الروائي ولكنها تدون أول بأول ما يطرأ على شخصيات روايتها في أطنان من كراسات الملاحظات ( حسب قولها )لتجلس بعد فترة تجمع الخيوط والأحداث المتبعثرة والأجواء والأمكنة والزمان والحبكة والخياال وجزئيات الحقيقة حسب مشهديتها الذهنية حال ترتّبها وصفاءها لتخرج بها على الأكثر بعد ثلاث سنوات برواية تهز العالم الإبداعي كما حدث مع روايتها السابقة مشية البطل
طرف آخر رابع يدخل الصورة الروائية الأسبانية نورية آمت ترى بعد اكتشافها مبكراً أن الكتابة نهجاً حياتياً فعندما يقذفها العالم إلى أبعد مدى , العالم الذي في اعتقادها شرير وغير عادل تجد في الكتابة ملتجأ ,مكان تلتصق به وتعيش بالكيفية التي تحب تماماً ووفقاً للقيم التي تتمسك بها ولو أنها لم تجد هذا الخلاص لكانت وصلت الى طريق مسدود وانعدمت لديها الرغبة في العيش
فالكتابة نداء داخلي, هي مهمة وخيار حياتي فائق الأهمية يظل لديها امنية أن لا تصمت الموحيات ولا تصمت الدهشة وأن لا يتوقف القلم , هذا رعبها الأكيد
الطرف الخامس منظور آخر وبدائل أخرى فالشاعرة الانجليزية هيلين همفري توقفت عن كتابة الشعر مؤقتاً توصلت إلى هذه القناعة بعد أن قرأت كل المجموعات الشعرية التي صدرت خلال عام ما .. فتحررت من وهم الشعر ما عادت بقادرة على كتابته لقد أحبطها ان الشعر الذي كان مكانا يمكن للقارئ دخوله والاضطلاع بتجربة القصيدة ما عاد كذلك ,والرواية اصبحت مكاناً بديلاً يمكن للقارىء دخوله والعيش هناك , فيما لم يعد ثمة مكاناً داخل الشعر المتمحور حول الشاعر وصوت آناه , فهي لم تعد لجهة شعرها الخاص تبتدع شيئاً مختلفاً عن مجموعاتها الشعرية السابقة وأن كتبت ستعيد قصائدها ولذا في النهاية لا تود التكرار رغبة في التطور الشعري متنقلة الي الرواية وأنها عائدة للشعر حين تصل إلى صيغة شعرية تمحو من خلالها (الأنا ) من قصائدها ونهائياً
صديقتي الثالثة تتثاقل تحت وطأة الضجيج الروائى الذي يتفاور في ذهنها , تحت سطوة الشخصيات التي تتورم وتتعملق ضائقة بالفضاء الذهني متنامية على حساب الزمان والمكان الافتراضيين
الجدال معها حول كسلها واكتفاءها بالأختباء وراء تقديم اعمال الأخرين كصرخة في وادٍ سحيق فلها فلسفتها الخاصة , لها حينُهْا المُختارْ , عسى أن لا يطول انتظارنا وأن لا يتفاجىء لاحقونا أنها كانت تخزن روايتنا نحن , تنتظر الختام لتلملم غبارنا على أوراقها

ليلى النيهوم

Tuesday, March 13, 2007



طائر نورس صغير
قصة : اسماء الاسطى
كاتبة وباحثة ليبية




عليلة كانت تزورنا في بيتنا، نحيلة وضامرة كعنزات عمي "الفزاني" الذي يتخذ من شاطئ البحر مرعى لقطيعه، فيقتات من الحشائش المالحة، وما ينبت من بذور (الدلاع )والطماطم مما تساقط عن غير قصد من مصطافي الموسم الفائت، ناميا كاخضرار مؤقت على ضفاف الشط، تختبئ فيه كرات ضامرة صغيرة تشبه الطابات المتلقفة ما بين الدفوف الدائرية التي تلهو بها الفاتنات الإيطاليات في مصيف (الليدو) المجاور، وهن يتقافزن في إيقاع منتظم، بملابسهن البحرية الزاهية، وقبعات القش ذات الأشرطة الملونة.كان قفطانها (اللانيتة)المجدول أكبر منها، تبدو من تحته حشوه مكتظة من الثياب في طبقات متتابعة، تظهر حوافها من فتحة الرقبة، ومن خلال ثني أكمام رسغها الرقيق، ينتهي تحت الركبتين، ليبدأ سروال قطني ذا زخارف منمنمة يغطي ساقيها النحيلتين في اتساع، منتفخا في دائرة عند موقع الركبتين، وينثني في كرمشيهما خلفهما، منتعلة في قدميها الصغيرتين شبشبا بلاستيكيا أزرقا، يظهر من فراغاته وتنسل من زخارفه جوربها الصوفي الأحمر.شعرها مغرق في الزيت الغرياني، ينقسم في منتصف جبهتها إلى قسمين متساويين، ملضوم في ضفيرتين متناظرتين تماما، ينتهيان بشريط أزرق منكس النهايات، معقود بحزن يشبه خطواتها البطيئة، وصوتها الخفوت المختلط بصفير منتظم من رئتيها، ولهاث مرهق من قلبها الصغير.
مساء الخميس، فبل أن يرتقي عمي "جمعة" جبل مدينته، يوصلها بسيارته إلى قبالة البوابة البحرية، تترجل محتضنة صرة ملابسها المشبعة بروائح المستشفى، تضوع بما علق بها من أدوية وشحوب، نهرع لمساعدتها في ارتقاء الدرج درجة درجة، تتناسب وبطء حركتها، ولهاث قلبها الضامر.تتلقفها "أمي" بحنان مبالغ فيه، وتحيطها بعناية فائقة، تحذرنا من مغبة إغضابها، تمنحها الحلوى المخبأة، والشرائط الملونة والنقود، تفاجئها بما حاكته لها من ثياب ودثار وجوارب صوفية، تغلف جسدها النحيل بالدفء، وتمنع عنها برد الشتاء البحري القارص.تغلق "أمي" النوافذ بإحكام لئلا تمر نسمة باردة يسعل لها القلب الصغير، يداعبها "أبي" بلغة إيطالية تمنحها فرصة استعراض حصيلة ما تعلمته من راهبات المستشفى اللاتي تعيش معهن أكثر من الوقت الذي ترى فيه خالتي "نوارة" أمها المنشغلة عنها بسواها من الصغار الضاجين ، اللاهثين بالصحة والعنفوان.تنهي استعراضها القصير بفتح صرتها لأخواتي الكبار حتى تتمتع بروية علامات الانبهار على وجوههن بما تصنعه في ساعات يومها المرضي الطويل، من نتاج فراش قلب عليل، ما تعلمته من إحدى الراهبات التي تقصقص الشرايين البديلة لسكب الدواء في عروق المرضى، إلى قطع صغيرة تمرر فيها خيوط الصوف الملونة؛ فتتحول إلى مشدات مبهجة للشعر، ذاك أمر وحيد ينتبه له الجميع منها ثم لا شيء غير الصفير المؤلم واللهاث لقلب يسارع الخطو نحو المجهول.الريح تصفر من خلال شقوق النوافذ البحرية، فيصدر عنها عزفا غامضا ينتج عما يقابله من صفير شقوق الجهة القبلية، والموج اللاهث يتابع في اللحاق بمن سبقه على الشط، إن مبيت "نعيمة"ليلة الجمعة يدعو "أمي" لأن ترشوني بالحلوى كي أتنازل للمريضة عن سريري، وأفترش عوضا عنه فراشا صوفيا أسفله، تدعمه بدفء من أحد معاطف أضاحي الأعياد السابقة، وعندما يعم الظلام بيتنا تتسرب من الممر الطويل خيوط ضوء تنعكس على أرضية الغرفة الغارقة في دفئها.استشعر البرد وحدي، فأخواتي نيام، لا يسمع لتنفسهم المنتظم الخفوت صوت، بقدر ما يعلو من صدر مثقل بالثياب والأغطية المضاعفة التي تعبر بها "أمي" عن حنانها وتعاطفها، بعدما حمت الجسد النحيل في( الليان) بالماء المغلي، وافترشت له الحصير، وأزاحت له السجاد، وعفرت الغرفة بالبخور المنبعث من موقد الفخار، لتجفف شعرها وتحرق ما جرفته الأمشاط الدقيقة من حرثها الأسبوعي في ألسنة اللهب المتصاعد بم أذكته ريح الشط المتطايرة في النافذة البحرية، فتناثرت لها شظايا الفحم كمهرجان للألعاب النارية.أرقبها وهي تغط في نوم يتأرجح بين صفير ولهاث، والريح والموج يواصلان سباقهما الشتوي، الذي يزداد حدة في الليل، يختلط الصفيريين و اللهاثين في سمعي، يعم البيت هدوء ساكنيه، يصارعه صفير النوافذ ولهاث الموج، مع صفير رئتين ولهاث قلب ضعيف.كوعاء من البلور هي، تلك التي لا تقف في وجه ريح الشط من النافذة، ولا تقفز الدرج اثنتين، لا تلعب (النقيزة) برجل واحدة، ولا تجلس على أرض عارية، ولا تمشي فوقها حافية، تحتمي خلف أكوام الصوف والدثار كلما لاحت لي لعبة مسلية، آه كم هو ثقيل يوم الجمعة في وجودها المثقل بالموانع والمحاذير والصفير، مغادرتها فتح للمغاليق، وبدء للتجول، واسترداد للدفء؛ الذي لا يخرقه صفير يبعد النوم عن أجفاني.أنا لا أعرف كيف يموت الناس دون غرق في البحر الهائج؟ أو في شط يلفظهم غير ذاك الذي ابتلعهم فيه؟ خاصة من لا تطأ أقدامهم المغلفة بالجوارب رماله المبلولة، لكني ذات ليلة رأيت "نعيمة" متحررة من كتل الثياب الثقيلة، وقد أبقت على قفطانها المخبخب، وضفائرها تتدلى في مرح مزينة بشرائط "أمي" الملونة، بدت سعيدة، اقتربت مني وابتسمت، لم تتكلم، ولم أسمع لها صفير ولا لهاث، ثحلقت في فضاء الغرفة البحرية حيث أنام وأخواتي، وطارت كطائر نورس صغير صوب النافذة المغلقة المطلة على البحر

Sunday, March 11, 2007

Spring Time

photo credit:Laila Neihoum
ينتق زهر اللوز هذه الايام في - أويا - طرابلس - تحت المطر الذي لم يتوقف منذ يومين
Almond flowers
Spring Time In Tripoli
***

Camomile Tea by Katherine Mansfield
Outside the sky is light with stars;
There's a hollow roaring from the sea.
And, alas! for the little almond flowers,
The wind is shaking the almond tree.

In the memory of Van Gogh


عزيزي فنسنت

شعر: بريدا سوليفان
ترجمة: ليلى النيهوم

غرفتك في آرل
معلقة على جدار ابيض
قبالة سريري
اغير الملاءات
واربت المخدات
اضع زهورا جديدة في الجرة

افتح النافذة
انتظر
خطوك
على الدرج
عرقك
يملأ الغرفة
" دوار الشمس"
كرغيف خبز
مدهون بزبد سخي
على الكانفاس
على يديك
فيما نجوم
" مقهى رصيف"
تومض ليلا
عميقا في عينيك
وفي " اوفيه"
فوق حقل قمح
هناك تغيم السماء
وتتجمع الغربان

Friday, March 09, 2007




A question of the crowded silence




Laila Niehoum

The call of the melon seller rises in the pleasant Athenian afternoon; I listen to him in the wake of the dream’s dimness and the shiver of waking, seducing my nap with his red delicious melons, clear for inspection:
“karbodzi baboni mato ma kiri”
While the rest of the dream takes me to where once I descended running a very steep mountainous road in the middle of a Mediterranean forest, to join my sister and brothers at "kalmo" beach, to dive in the waves which lick the foot of the bushy mountain where that country house sleeps with its garden of flowers and fruit trees in the pine forest, far from the city and closer to it, while the songs of Abdulhalim Hafez roaring in the silence mixed with the forest's sounds, whispering to the calm and close sea:
“sawah wana mashi laili”
A Halimian melancholy announced from a wide balcony like a hall in a dream on looking the wishes, when on my last night in Greece I was resisting drowsiness with a blinding insistence to complete the last pages of a novel by (Agatha Christie), as in the morning I’ll be leaving , did I finish it? So many years had passed since, and I am still disturbed by the memories of that unfinished novel, I always finish it in my way naming a different murderer at every ending.
In Athens it was difficult to wander, rejoice, explore the places, and visit my beloved uncle's packed library at the same time…
What reminded me of those old days? What reminded me of that seller's call, the mountain scents, the sea breeze, the lights of the Acropolis, the scattered islands with their white houses and steep stone streets or the shells which whisper ancient Greek Secrets?
What reminded me of Mariam's tenderness, Osama’s naughtiness, (Rina’s) laughter, the sweet voice of (Ilene) chanting Abdulhalim's songs, the smile of beautiful Evi, and the calmness of Gregory? What reminded me of all of them, and the serene (Igalio) evenings, fragrant with the smell of Soflaki, and honeysuckle scents?
Is it My uncle (Ixsan) who reminded me of all that Grecian memories sitting there alone reading ,or writing and changing the roses and flowers of his vase daily? or what reminded me was the uniqueness and difference that we face once in a million in some people, rich and crowded, colorful and mystical. people whose memory gave them a special glow around them, a mythical halo shrouding , and lighting them in the middle of others without speaking, and without them raising their heads from a book they’re reading or a manuscript they prepare for publishing, and without them raising voices in useless dialogue.
His everlasting deep silence reminded me, like the depths of Juliana's waters, which he loves its blueness and its fish colors... his generous smile reminded me,is still reminding me while I am still wondering : my beloved uncle, if you had the chance to drain your crowded silence, with all its mountains' colors, roars of seas, noises of airports, depths of readings and sightseeing, examining the places and men, what would you say, and what would you write?
Translated into English by Ghazi Geblawi
سؤال الصمت المحتشد
كروبودزى ببونى ماتو ماكيري
يتصاعد نداء بائع البطيخ المتجول فى الظهيرة الاثينية الرائقة ،وفيما يشبه غبشة الحلم
ونفضة الاستيقاظ أصغى اليه يغوى القيلولة ببطيخه ، اللاذع الحمرة ،اللذيذ ، المرشوم , فيما تأخذنى بقايا الحلم
الى حيث أنزل جريا ، هبِط طريق جبلية منحدرة وسط غابة متوسطية , ليتلقانى وإخوتى شاطىء" كالمو" الجميل ، ولتغمرنا اللجة التى تلعق قدم الجبل الحرشى حيث تهجع تلك الدارة الريفية البحرية الصغيرة بأزهار وأشجار فاكهة حديقتها اليانعة فى الجبل الصنوبرى بعيدة عن العمران وقريبة منه ، فيما " تلعلع " اغانى عبدالحليم حافظ فى السكون المهسهس بأصوات الغابة , الهامس بالبحر الرتيب القريب: " سواح وانا ماشى ليالى أسى " حليمى " مُعلن من الشرفة الواسعة كباحة فى حلم يطل على الامنيات ، وعلي إذ أقاوم نعاسا ثقيلا وإصرارا يكاد يذهبُ ببصرى لأكمل ما تبقى فى رواية [ لأجاثا كريستى ] فى ليلتى الاخيرة ، ففى الصباح السفر إيابا.هل تمكنتُ من اكمالها؟ سنوات طويلة مرت وأنا تُقلقُنى ذكرى تلك الرواية الناقصة ، أ نهيها بإستمرار على طريقتى وأُسمى فى كل نهاية قاتلا مختلفا
فى أثينا كان صعبا التوفيق بين التجوال والمرح واللعب وإستكشاف الامكنة وبين مكتبة خالى الحبيب المكتظة ..ما الذى ذكرنى بتلك الايام الخوالى ، ما الذى ذكرنى بنداء البائع وبروائح الجبل ونسيم البحر وأضواء الاكروبولس والجزر المترامية ببيوتها البيضاء وشوارعها الحجرية الشديدة الانحدار والقواقع الهامسة بأسرار اغريقية غابرة.ما الذى ذكرنى برقة مريم وشقاوة أسامة وصخب " رينا " وصوت " إلينى " الجميل يصدح بأغانى عبدالحليم ، وبأبتسامة " أيفى "الجميلة وبهدوء " قريقورى " ، ماألذى ذكرنى بهم ، وبعشيات "إيقاليو "الجميلة عابقة بروائح " السوفلاكى " وشذى الياسمين ؟.ذكرنى بها خالى "إحسان عبدالقادر " جالس فى محله يقرأ ، ويكتب ويغير زهور وورود مزهريته يوميا ذكرنى التميز والإختلاف الذى نصادفه مرة فى المليون لدى أناس دون غيرهم ، زاخرة ومحتشدة وملونة وسحرية.أشخاص لهم فى الذاكرة من حولهم ألق يخصهم وحدهم ، ولهم هالة اسطورية تلفهم وتنيرهم وسط الجميع دون أن يتكلموا ، ودون أن يرفعوا رؤوسهم عن كتاب يقرأونه أو مخطوط يعدونه للطبع ، ودون أن تعلو أصواتهم فى حوار عقيم .ذكرنى هدوءه الذى لاينضب عمقه ، كعمق بحر جليانة الذى يعشقه ويعشق زرقته وأ لوان أسماكه.ذكرتنى ابتسامته السمحة. ذكرنى وأنا أتساءل " خالى الحبيب لو قيض أن تفرغ صمتك المحتشد بألوان الجبال وصخب البحار وضجيج
المطارات وعمق القراءات ، والمشاهدات واستقراءات الامكنة والبشر ، ماذا ستقول..وماذا ستكتب ؟
ليلى النيهوم

Thursday, March 08, 2007

Woman's Day

To every career woman every where
To w.writers
To w.poets
To w.journalists every where
To Tiggy
To Sakina ,Khadija, Tahani.
To my fellow female writers in IWP- Iowa University (International writing program 2005) & To all Dear female staff out there .
To Sandra Maclaughlin-Iowa
To Mouna ouafik
To Katerina ante portas via Dimitris Stefosis at SocioThoughts
Happy Woman's Day


Laila Neihoum - Libya







Tiggy sent this poem to me, which I liked to the most. The most is Tiggy in her best.
laila









I emerge
A white lie
A stained butterfly
Seeking only paper flowers,
Nectars awry.
Then my wings
Edges smoking
Tell me you’re close by.
Lodged as you are
Between the ribs,
Under the sigh
I beg:
Don’t make me flutter
I ask :
Don’t move please,
I .. still .. live.




Flight 426 Rome Paris
5/2/2007
Tiggy Ibrahim

Sunday, March 04, 2007

Butterflies of Meaning - فراشات المعنى




Butterflies of Meaning


Translated from the Arabic by Mohamed Hassan & Laila neihoum




A poet's horizon


is filled with butterflies


that’s Afaf


and Sakina, sending


Her early morning messages


to my sleepy day,


Yussef the nonchalant


do worry at last


when doing the same


but Zeinab helped me


to decide :


clicking is the decision


then she flew


like a summer cloud


doing what she did!


what about Amal


clicking her cell phone


even in dreams


ringing makes her rush


a beautiful ebony running


with her soul in her mouth


Hello!


Lifting the phone The cell.


whatever is there?


listening a dreamy smile


lightning glows on her lips


this girl loves calling


knows her choices


but naughty Sakina


knows what to send me Knows what gets me to bounce


like on a trampoline


like grandchildren


bouncing on our grandma’s bed


"I am in Roxi," she says


God!


What a delicious mango juice


a Barbecue smell


smiley passers-by


in what engulfing happiness


am I!


deleting all redundant memories


am I!


and how the Nile goes by


opening its nocturnal maze


crowded with anchored restaurants,


Cafés. Pass them and me by


so I remember lovely colors,


enticing sea smells,


more than happy memories


and Sakina pulling my trembling hand


to cross Sallah Salem Street,


a Highway? No way,


Sakina! No way!


Now! or a flattened death!


Cross NOW!


shouts loudly over the noise.


I run, my eyes closed,


as well as my senses


to Cairo International Book Fair.


So she is in Roxi!


to my memories of colorful fish


Sharm al-sheikh shores


coral- decorated undersea


a small yacht


sailing on Tiran's horizon


passing a private light house


where I once climbed breathlessly


we wave


I see what others can’t see


I adjust my hat’s angle


straining my eyes


giving myself to the Red Sea breeze


to turquoise waters


to Ahmed's camera seizing the moment


so she is in Roxi


and Afaf’s butterflies


crowding around my thoughts' light


my thoughts that are traveling away


traveling away.



2-6-2004

ليلى النيهوم





[Roxi--a shopping street in Cairo]

Libyan Sibyl


الرائية الليبية

ثمة " سكتش" أومخطط دراسي قام به مايكل أنجلو بوناروتي ( إيطاليا 1475- 1564) يحمل رقم 21 ، كان استعمل في تنفيذه الطباشير الأحمر "ريكتو" و فحم أو طباشير أسود " فيرسو" و حجمه 12.4سم × 28.9سم وقد درس في هذا الرسم الأولي الحركة التشريحية حيث اتخذ من تلميذ له موديلاً وذلك توطئة لرسم سيبيل الليبية و هي واحدة من الرائيات الإناث المرسومات على لوحه جصيه على سقف مُصلى كنيسة سيسيتن في قصر الفاتيكان في 1508-1872 .
-يطلق اسم سيبيل على النسوة اللاتي اشتهرن حينذاك بالكهانة والعرافة والرؤيا ونذكر منهن كاهنة او سيبيل دلفي الشهيرة . ترتدي الرائية الليبية أو السيبيل ملابس لا تكشف إلا عن كتفيها القويين و ذراعيها ، شعرها مصفف في جدائل متقنة مجدولة مع الوشاح على حسب الطرز الرائجة انذاك .
وقد رسم مايكل أنجلو هذا السكتش ليختبر من خلاله العناصر التي كانت مهمة في رسم الوضع الذي تقف فيه الرائية في اللوحة على أطراف أصابعها فيما تبرز الإلتواء المطابق لكل من كتفيها و الوركين في اللوحة الجصية المراد أنذاك تنفيذها في سقف الكنيسة.

وهذه اللوحة المصغرة قد آلت ملكيتها بعد وفاة مايكل أنجلو إلى أسرة بوناروتي مباشرةً و الرقم 21 المدون في أسفل الورقة يتوافق مع ترقيم متسلسل وجد في العديد من رسوماته .
توجد اللوحة اليوم في أمريكا لدى أحد هواة إقتناء اللوحات ،غير أن السؤال التاريخي يظل من هي السيبيل الليبية رائية ذاك الزمان و لما خلدت في لوحة جُصية؟ وهو سؤال آمل أن أجد له بالبحث أجابة لي و لكم وإن لم نجد فلنبدع قصة أو قصيدة للسيبيل الليبية
ليلي النيهوم
وجدت المزيد عن سيبيلتنا
وجدت انها كانت تدعى فيمونو وكانت تعيش في واحة سيوة في الصحراء الليبية وتعني كلمة سيبيل في لاتينية قدامى الاغريق المتنبئة او الرائية وقد اتت من كلمة سيبيل , وحسب الميثولوجيا القديمة كان هناك عدة سيبيلات في العالم . ويقول الاغريق انها اول امرأة انشدت الوحي , وقد عاشت معظم حياتها في ساموس والليبيون هم من اطلق عليها تسمية السبيبل , كما كانوا يقولون ان الوجه الذي اعلى القمر هو روحها . وبقول الاغريق انها ابنة زيوس ولميا , الملكة الليبية التي احبها زيوس , وقد ذكر يوربيدس السيبيل الليبية مقدمته عن لميا ... انتظروا المزيد
ليلى
some of her facts are my translation from :http://en.wikipedia.org/wiki/Libyan_Sibyl

Thursday, December 07, 2006

هاروكي موراكامي وجائزة فرانز كافكا الادبية

اعلن مطلع هذا الشهر عن فوز الروائي الياباني هاروكي موراكامي بجائزة فرانز كافكا الادبية وُلد هاروكى مورا كامى فى طوكيو عام 1949م. وكان فى البداية يُدير نادي للجاز ثم تحول الى الكتابة . ترجمت اعماله الى 39 لغة ، ومن بين عديد الجوائز التى نالها ، تحصل مؤخرا على جائزة يومييورى الادبية التى سبق وحازها كل من : يوكيو ميشيما وكينزا بورو آبي وكوبو آبي اشهر الروائيون اليابانيون.
وكان موراكامي قد نشر رواية مؤخرا روايته : كافكا على الشاطئ وبسببها نال هذه الجائزة المهمة , وهي رواية عميقة وسوداوية ومحيرة مثلها مثل رواياته الأحرى الرائعة ذات الاسلوب الخاص به وحده , تقوم رواية " كافكا على الشاطىء" على امتدادها بإستكناه ، وأحيانا تحدى مفاهيمنا للزمن ، فأحكام الزمن المعروفة لا تسود فيها ، ولا تسيطر على أمكنتها وأشخاصها ، يتمدد الزمن فيها ، ويتقلص ، وكل ذلك على هدير اوتلكؤ نبض القلب ، وكذلك تتحدى مفاهيمنا للقدر والصدفة والحب وطبيعة الحقيقة البشرية في عمقها . تمنحنا الرواية صنوفا غنية من شخصيات غير اعتيادية وأحداث عنيفة , عشاق حسيين , شبح للجنرال ساندرز الخارق ، المُتغير الهيئات ، الرائي الشمولي الذى ليس بوذا ، وليس إلهاً ، واسماك تسقط من السماء ، وحوارات بين رجل وقطة وغانية مثقفة متفلسفة وجندي من الحرب العالمية الثانية لم يمسهُ الزمن , واشياء اخرى اكثر غرابة وروعة حيث تنشطب الحدود الفاصلة ما بين الماضى والحاضر ، الحلم واليقظة ، الفنتازيا والحقيقة ، وتنعتم لتمتزج داخل مرح ميتافيزيقى لتظل ثمة اشياء على المحك فى الرواية . فثمة جريمة قتل عنيفة تستوجب حلا ، وثمة علاقة آثمة على وشك الوقوع ، معقدة وتستوجب ايضا فك خيوطها المريبة والوقوف فى وجهها كي لاتقع وكي لاتتحقق النبوءة المريعة ، وكذلك طبيعة الواقع التي في ذاتها تتأرجح على كفة الميزان .
رواية " كافكا على الشاطىء" لاتقترب من أي شاطئ إطلاقا ، غير حالة الغرق التى تنتاب كافكا ، الغرق النفسى ، حيث يسود الرواية إحساس قاتل بالفقد ، وكأنما كافكا يلصق وجهه على زجاج نافذة تطل على عوالم اُخرى اكثر كمالا وصعبة المنال .
هى رواية مكتوبة ببراعة وبطموح وبعاطفة مشبوبة وبرشاقة تتجلى فى اسلوب مورا كامي التخييلي الفذ ، ففيها يستعير مورا كامى من كل شىء : من سوفكليس وافلام الرعب والخيال العلمى والرسوم المتحركة اليابانية ، وهي فى ذات الوقت جد واقعية وان كانت لاتخلو من العناصر السحرية حيث تاخذ القراء ليجدوا انفسهم يرغبون فى تقليب الصفحات اسرع فأسرع ليكتشفوا ما سيحدث ، ويُبطئوا ايضا ليتذوقوا عمق وجمال اسلوب مورا كامي السردي .
سبق وان كتبت عن هذا الرواية في مدونتي .. راجعوا الارشيف
ليلى النيهوم

Thursday, November 09, 2006

عيد ميلاد ترجمات


ترجـــــــــــــــــــــــــــــــــــمات تدخل عامها التاسع

هل حقا مرت كل تلك السنوات ؟ هل احتفل اليوم بعيد ميلاد " ترجمــــــات " بصحيفة الجماهيرية الذي بدأ عمودا ترجميا ادبيا خجولا في الملف الثقافي ليتحول هذا العام الى ملف ترجمات كامل من صفحتين ضمن الملحق الثقافي بالصحيفة ؟
كم تمر السنين !
غير انها ولله الحمد سنوات لم تمر بالنسبة لي فارغة تضع يدها على خدها وتراقب الرمل يفلت حبة حبة !
ترجمــــــــــــــات التي احتضنتها صحيفة الجماهيرية اوائل عام 1999 م هي كما قالت زميلتي الكاتبة الصحفية زينب شاهين التي فطنت لعيد ميلاها الذي نسيته في زحمة الايام , لا توقد شمعتها التاسعة فحسب بل علي ان اوقد شموعا اكثر لكل حرف ترجمته مذ بدأت صحفية ومترجمة ثقافية وصحفية ناشئة في مجلة الثقافة العربية عام 1984م في باب نافذة على العالم!
لكنني اليوم احكي عن ترجمــــــــــــــــات هذا الاسم الذي اصبح علامة مسجلة لشغلي الثقافي . به اذكر وبي يذكر, وإن اخذ هنا وهناك بدون اذن مني !
احكي اليوم عن لحظات اغرق فيها وحيدة في عالم نقل الحروف من لغة الى مرادفاتها في لغة اخرى , عن لغتي العربية التي اعشقها واحبها كما هي واحبها حين اجرب فيها وحين انحتها و اجلس اليها ساعات , واحلم بها اكثر من الساعات وعن اللغة الانجليزية التي عشقتها طفلة صغيرة اخربش اشكالا على ورق الرسم والروايات وجدران البيت , واذهب لأبي كي اريه اشباه الحروف تلك:
- ماهذا؟ كان يقول لي
- حرف انجليزي , كنت اجيب .
فكان يجلس بصبر ويخط لي A a : وينقط لي باقي الصفحة لأدرب يدي على الحرف بعد ان اكون نطقته جيدا وعرفت ان A تساوي Apple وان L تساوي Laila مثلا .
هل حقا شمعتها التاسعة توقد الآن !
امشي هنا على" سبر" صديقتي الاخرى الصحفية سعاد الطرابلسي التي لاتطفئ الشموع في عيد ميلاد اطفالها بل توقدها تفاؤلا.
عبر رحلة ترجمات قرأت الكثير فأنفتحت لي ابواب معرفة ومثاقفة احس احيانا بوطأتها على دماغي وثقلها في ذاكرتي , وارى في كل الاوقات انعكاسها في لغتي وفي كتاباتي النثرية والشعرية .
وعبر رحلة ترجمات ابحرت طويلا في خضم افكار الاخرين ومشيت في دروب افكار متعددة ومتنوعة ومختلفة وجديدة وتنازعنى الابتهاج والوجل والخوف والاقبال والنكوص وسط تجريبيات غريبة وتهويمات خيال فذة ومريعة.
في رحلة ترجمات رأيت سلوكيات واخلاق مختلفة وتعرفت على عادات وتقاليد مختلفة رديئة وحسنة !
في رحلة ترجمات رأيت كيف تمتص الحرباء الالوان المحيطة بها لأن لا لون لها ولا كيان !
في ترجمات تعرفت الى شعوب وامم وافراد قرأت ذاكرتهم منعكسة في كتابات كتاب وروائيون وقصاصون و شعراء قدماء ومحدثون وناشئون من كل انحاء العالم كانوا بلغات مختلفة وصلتني مترجمة للانجليزية واوصلتها للعربية بعد ان اشبعتها بحثا في لغاتها الاصل بسؤال هنا واسئلة هناك لدى المطلعين على تلك اللغات.
"ترجمـــــــــــــــات" ... الحديث عنك يطول والحديث عنك يلتف ليحكي عني , لكنني اريد ان احكي عنهم فعيد ميلادك وعيد مواصلتك في هذه الصحيفة الرائعة وراءه كثيرون اعتبر هذ اليوم احتفالهم , ووقت احتفائي بهم , لولاهم ما كنت لتوقدي اليوم شموعك لتدخلي عامك التاسع.
حان الان وقت اقف فيه انا ليلى عقيلة النيهوم لأشكر زمان ومكان واهل واصحاب وذوو فضل وكل من آمن بمقدرتي وكل من شجعني وألح علي ودفعني وساندني وفرح بي ووو
اشكرك ابي يا شيخ المترجمين القانونيين في بنغازي اولا شكرا عميقا , قدتني للحرف وشجعتني وتابعتني من بعيد وانتقدتني في كبواتي لتنهضني اقوى واكثر ثقة بي , حتى وان اختلفنا احيانا في اسلوب كل منا في الترجمة وفي التعامل مع الكلمات وطرق نقلها , لكنك كنت تسعد بما افعل , وكم كنت ارتبك حين تفاجئني بأصعب الكلمات الانجليزية قائلا : مامعني هذه او تلك . وكنت اتمالك نفسي بسرعة واسرع بالمعني وازيد بدواعي الاستعمال . كان هذا منذ زمن بعيد . لم تقرأ ما اترجم يوما ولكن اصداء ترجماتي كانت تصلك وكنت اراها في ابتسامتك وفي تجدد اختباراتك اللغوية المفاجئة : مامعني هذه الكلمة؟
انتقل منك ابي ولم اقل كل ما اريد قوله عن دورك وتأثيرك وخطاك التي مضيت وراءها , ومثلك التي تربيت عليها وتشبثت بها , لوالدتي التى علمتني كيف يكون الخط جميلا لترتاح العين اليه , وكيف يكون المحيط جميلا لترتاح النفس في حالات انتاجها , علمتني اصول الرسم ومزج الالوان وحب الزهور ونقشها رقيقة ببراعة على الورق والقماش , علمتني القراءة والاستغراق فيها لحتى انسى العالم من حولي , علمتني الصبر وسعة البال لحتى كنت انقل الكلمة من لغة لأخر وكأنني ارسم لوحة دقيقة التفاصيل اريدها متعة للعين ومتعة للعقل . غرفت من خزانة رواياتك العربية المترجمة التي جلبتها في طفولتنا وفي عز شبابك من بيروت في " سحارية" كنت أقفز فيها واختبئ واقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ.
انتما كنتما بدئي وتأسيسي والايدي التي دفعت بي برفق نحو آفاق اللغة والتأمل فيها.
اشكر اللحظة ثلاث بيوت مهمة في حياتي :
بيتنا المكتظ بالكتب والقواميس الحديثة والمتوارثة بجميع اللغات حتى اللغة اليونانية , لم اشعر يوما بحيرة في معرفة معنى كلمة ما , كنت فقط افتح أي من القواميس المصفوفة في المكتبة لأجد غايتي . البيت الذي وجدت فيه مناخا للقراءة والبحث والتعلم المستمر والتشجيع والايمان بالمواهب والهوايات التي قد تبدو منفصلة , قد يقول البعض مادخل التطريز او الطبخ او الموسيقى في ترجمات او حتى البستنة والرسم والتصوير والتبحر النظري في علم الفيزياء والفلك والجينات والهندسة والارقام!
ربما تبدو منفصلة وبعيدة شكليا ولكنها تصب في نبع المعارف التى تجعلك تفهم ما يكتب الاخرون لأنك ملم ولديك خلفية معرفية تسمح لك بالفهم الشامل وبمرونة الاستيعاب .
- بيت جدي لأمي ففيه قضيت معظم طفولتي الاولى وفيه كنت على كثب من المزيد من الكتب والمترجمات ومن الجو الثقافي واسلوب المعيشة المتقدم عن زمنه والوجوه الكثيرة واجواء الترجمة والمسرح انظر بعين خيالي لجدي مستغرقا في ترجماته واوراقه وارى الاخرون يتابعون حلقات كتابه المترجم عن الايطالية , كتاب غراتسياني برقة الهادئة , التي لم تكن هادئة قط , واذكر حين جلسنا يوما قبل رحيله بقليل وانا لازلت صغيرة ولكنني اتقمص شخصيات الكبار ووقارهم حين استماعهم واستيعابهم لما يقال لهم , ليحدثني عن كتابه الذي لم يتح له اكماله : الحلقة المفقودة في تاريخ ليبيا. رحمك الله جدي ابراهيم بن عامر ولتنعم روحك الطاهرة في ملكوت الواحد الحق.
- بيت جدي لأبي وبالتحديد غرفة عمي فتحي , كم كانت غاصة بالمجلات والقصص والكتب ,منه تعلمت حل الكلمات المتقاطعة في مجلة الصياد والصبر لأيام على كلمة واحدة تقف حائلا بين اكمال الحل , كنت اجلس لساعات اقلب في ذهني الاحتمالات واردد كل الكلمات الممكنة وغير الممكنة , انقب في مختار الصحاح حتى اجدها , كما يحدث لي الان حين لا ارضى عن ترجمة كلمة ما واظل اماطل في ارسال الملف للصحيفة لنعيمة وخالد وبلقاسم حتى يومض فجأة في ذهني المرادف الدقيق الذي يرضى عنه ضميري الترجمي .
لايمكن ان اكون ليلى النيهوم طبعا بدون ان يكون للصادق النيهوم اثر في حياتي , عندما كنت اتطفل على اوراق ابي وقصاصات الاغاني التي كان يكتبها لفريق مدرسته الخاصة الموسيقي كنت اقع على رسائل الصادق له حين كان في فنلندا , كانت تجمعهما صداقة الاقارب والجيل الواحد والمدرسة الواحدة والجامعة الواحدة وان سبق ابي الصادق في الدفعة حيث فصلت بينهما سنة واحدة في الدفعات الاولى في الجامعة الليبية. كانت نسخة فرسان بلا معركة تصطف في مكتبتنا فخورة بأهداء رائع بخط رائع كبير بقلم الحبر . يظل الصادق اسطورة وايقونة عائلتنا فخرا معلنا وخفيا لم ادرك تأثيره الا الأن اثنان نبهاني الى ذلك : الشاعر الكبير الصديق الذي لغيابه حسرة لاتندمل المرحوم على الفزاني وخالي د. سالم بن عامر اطال الله في عمره قارئي المثابر الذي يتابعني بأرائه واعجابه وثناءه وبطبيعة الحال احيانا انتقاده فهو لايفضل ترجمة الشعر وكثيرا مااوصاني بالابتعاد عنه مع ان لي رأي اخر, كانا يقولان لي في لغتك وتركيبها وفي اسلوب كتابتك ونحتك اللغوي شيئ من الصادق ليس مثله تماما وانما شيئ غير ملموس وعسير على الوصف منه . وزاد الاستاذ الفزاني انني مثل الصادق متأثرة بلغة المترجمات , لعلها لغة البعلبكي الذي اكاد احفظ ترجمته لرواية "جين آيير" لشارلوت برونتي للعربية واصلها الانجليزي عن ظهر قلب كما يقال وهو بالمناسبة من الناس الذين يطالهم شكري العميق في عيد ميلاد ترجمات هذا. وانا اذا افخر بقولهما اجد ان المقارنة كبيرة على فأين انا من قامة الصادق العملاقة عربيا وعالميا والساكنة بعمق في وجدان الليبيين , رحمك الله ياصادق واسكنك فسيح جناته.
واشكر الراحل الشاعر علي الفزاني الذي ظل حتى وفاته يقول لي:" يابنت لقد خدعتني وجعلتني اقول ماندمت على البوح به" حين جعلته بعد مطالبة والحاح ودهاء صحفي ان يكتب في زاوية حبل غسيل في مجلة البيت عن ذكريات طفولته , انت انت ! كان رحمه الله يضيف مثل النحلة تظل تأز حتى استسلم , كان الفزاني من شجعني ان ابدأ ترجماتي في الجماهيرية وكان يتابع ما اكتب كل سبت ويناقشني فيه ويثني على اختياراتي اللغوية وتركيبة جملي وايضا اختياراتي للنص في ذاته . اعجبته ترجمتي لقراءة حول رواية اسنان بيضاء للروائية البريطانية زادي سميث ووعدني ان يحضر لي الرواية حين سافر الى سويسرا للعلاج من مرض طارئ ظنناه عاديا وتمنينا من اعماق قلوبنا ان يكون عاديا , كنا نتابعه هاتفيا من مكتب فرع الهيئة العامة للصحافة ببنغازي لنطمئن على صحته وكنا نقف بالدور قرب الهاتف , قال لي وانا اسأله عن صحته وتطورات العلاج انه لم يجد الرواية في سويسرا وقد و عده صديق في بريطانيا ان يبعثها له . المهم ان تنتبه لنفسك وتعود سالما قلت له وانا احس في صوته وهنا مخيفا . ولم يعد من هناك حيا , وارفض الى اليوم ان اقرأ القصة , حتى عندما وجدتها في مكتبة اضواء البراري في آيوا امتنعت عن شراؤها.
قائمة شكري تطول ولكنه دين وعرفان للبعض وهم كثر - كما احسب - الذين آزروني وكالموني يثنون ويطالبونني بالاستمرار وكنت منهم استمد روح المثابرة التي اطالت عمر ترجمات عمودا صحفيا ومن ثم ملفا كاملا . بعضهم سيقرأ شكري وامتناني بين السطور. وبعضهم سيقول لعلها نست !
وما انا بناسية قط.
وليس النسيان ديدني.
في الاونة الاخيرة استجدت اشياء في حياتي العملية , واخذتني الشواغل شرقا وغربا وكادت شمالا , ومن الشمال من بريطانيا غطى الزميل الصحفي الشاعر والروائي والمترجم د. غازي القبلاوي غيابي عن ملف ترجمات فأعطى لترجمات نكهة جديدة ومختلفة ورائعة بترجماته ولغته المتميزة والتقاطاته الخاصة , فله كل الشكر واتمنى ان تنال روايته التي يشتغل عليها اعلى المراتب الادبية .
هل ابدأ ام انتهي بحسين مخلوف المنسي , ذلك اللغوي الالسني والناقد الفذ ! كانت معاركنا حول ترجمة كلمة ما تطول لحتى يقنعني او اقنعه وكان يأخذني غرور الحديثة التخرج امام مديرها في مكتب الترجمة في مجلة الثقافة العربية , بل امام ظاهرة لاتستوعب ابعادها كما لم يستوعبها الاخرون : استاذي حسين احييك في الظروف الصعبة التي تمر بها وفي النسيان الذي تختفي فيه و تظل جزء من نشئتي الترجمية وتذوقي اللغوي والشكر لن يفيك ولو ذرة مما اعطيت.
ايضا قسم اللغة الانجليزية بكلية الاداب في جامعة قاريونس ! من هناك وعلى ايدى اساتذة اجلاء تدرجت لغويا وفتحت امامي عبر الادب المقارن الشغف بالعربية في مقابل الانجليزية وكنت اعشق جماليات اللغتين حين تتغنجان ابداعا وتطالباني بأن اقول ايهما الاجمل؟
د. علي الساحلي رحمه الله ومتع الله الباقين بطول العمر : د. محمد حن ابوبكر . دز محمد بن علي . د. فتحية استيتة . د. طارق البشتي . د. نصر عون ,مايكل هول , باري واليغورسكي ,جون إينغهام واخرون.
اود ان استمر حتى يلوح الصبح , تمضي بي الذاكرة وفرحة العيد لتتري الصور لمستحقي الشكر تباعا:
الاستاذ عبد الرزاق الداهش رئيس تحرير صحيفة الجماهيرية لسعيه وتأكيده وتشجيعه الدائم على افساح اكبرمساحة ممكنة للجانب الثقافي في صحيفة الجماهيرية.
الشاعر خالد درويش الذي اقترح علي منذ سنتين او نيف ان تتحول ترجمات ملفا كاملا في الملحق رغم اني لم انفذ الاقتراح الا بداية عام 2006 م لشواغل كثيرة.
الشاعر والصحفي العريق محمود البوسيفي اذا لطالما الح ان اجمع ترجمات في كتاب , لنصل عام 2005 الى تجميع كل القصص المترجمة التي نشرتها في الجماهيرية وفي المؤتمر في كتابي : " افق من لازورد " الصادر عن مطبوعات المؤتمر, الذي به - كما كتب بعض النقاد - حصلت على الريادة االنسائية الليبية في اول كتاب ادبي مترجم .
الزملاء والزميلات في فرع الهيئة العامة للصحافة – بنغازي
الزملاء في الملحق الثقافي و الزملاء اعضاء هيئة تحريرصحيفة:" ملحق الجماهيرية الثقافي" سابقا التي لم تستمر طويلا.
كل من اتصل وارسل رسالة ورقية والكترونية تحمل كلمات طيبة
و و و و وهم كثر.
ويأخذني الشغل النثري فيتحول العيد الى سيرة نثرية لترجمات فأقمع خيالي مؤجلته وخازنته لشغل اخر – روائي- اعمل عليه منذ زمن , لذلك سأكتفي اخيرا بأن اشكر ايضا البعض الذين خلقوا بنزقهم وحسدهم من انفسهم ازعاجا لي لا ينفكون يرمونني بين الحين والاخر بحجارة فأرميهم بأحسن الثمر : شكرا لكم كنتم حافزا لي ان اتقدم بعيدا عنكم وابتسامة على شفتي .

ليلى النيهوم










Sunday, October 22, 2006

غابت البركة

لطالما حدثتني صديقتي الشاعرة الليبية خديجة بسيكري عن خالتها رحمونة تلك العجوز التي بمثابة ضمير اجتماعي اعرافي تقاليدي حي , عندما غابت امثال رحمونة غابت البركة وغاب وجهنا الجميل وصيتنا الطيب وسلوكياتنا الحميدة ستقول خديجة عن رحمونة ما يلي :


خالتي رحمونة

خالتي رحمونة امرأة ليبية مثل أي امرأة ليبية حقيقية مازالت تضع البمبوك عندما تسمع اول صوت ذكوري يدخل الدار لكنها تري ما نجهله ولو وضعنا عدسات مكبرة !!.
خالتي رحمونة وفي قول اخر (ارحمونا) تزور كل بيوتنا بدون استئذان ولا تحديد مواعيد تزم شفتيها عندما تجد (الدنيا حايسة وتفلي رؤوسنا اذا ما تجرأ احدنا وهرش شعره امامها .. وترمي الملعقة بغضب اذا زادت كمية الملح في الطعام عن المطلوب .
خالتي رحمونة اذاعة متنقلة وعين لاقطة لمكامننا واخطائنا .. لذلك ترتجف ربات البيوت ويغادرن كسلهن مهرولات عندما يسمعن طرقاتها علي الباب ودقة عكازها !!!! .
لذلك فان كل نساء حينا اصبحن يتبارين في نظافة بيوتهن وفي التفنن في اعداد وجباتهن وفي نظافة صغارهن .. وحتى متابعة دراستهم لأن اخبار نتائجهم المدرسية لابد ان تصل الي اسماع خالتي رحمونة عن طريق وسائلها الخاصة مهما تكتمنا واتخذنا كافة الاحتياطات !!!! ولانها تمتاز بصوت مجلجل فان كل اهل البيت الموزعين بين غرفهم تصلهم حيثيات الحوار الدائر في مجلسها لهذا تتجنب نساؤنا النميمة في حضورها (الخسار) علي رأي عجائزنا وهي اختصار لكلمة باختصار!!!.
خالتي رحمونة هذه فيروس اخلاقي يهدد عاداتنا السيئة من اهمال تربوي وبيئي ومعنوي وحيث ان الجميع يخاف من النشرة التي تبثها المذكورة فيرغم نفسه عل الظهور بمظهر لائق وحضاري والويل كل الويل لجارنا الذي سولت له نفسه ذات مرة مغازلة ابنة جيرانهم حيث انه اصبح عبرة لمن يعتبر ولم يعقه عن التزوج الا ان بيته مشيد بطريقة عصرية وليس خيمة يهد اوتادها ويرحل!!!غير انها بعد بيانها التنديدي الاول اصدرت نشرة تحليلية تفسر فيها سلوك الزوج واضطراره الى هذا السلوك المشين ضمنت فيه كثيرا من السلوكيات الخاصة باداب الزيارة وتقصير الزوجات تجاه ازواجهن والعديد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي اضطرت الزوج الى مغازلة جارته!!!
أجيال وراء أجيال كانت في حياتها خالتي رحمونة او ارحمونا !! ترى ما الذي تقوله لنا في يومياتها وهي تنتقل بين ازقتنا ومدارسنا ومستشفياتنا وعياداتنا الخاصة ومحالتنا التجارية واماناتنا وشركاتنا ؟!

خديجة بسيكري – صحيفة الجماهيرية


وكنت قلت فيما يدور في نفس الفلك وفي صحيفة نور الفجر الالكترونية , اشياء عن عجائزنا الطيبات حاميات الاعراف والسلوكيات الحميدة غابن فليس مستغربا ان نضع تعويذات ونقرأ المعوذات لنتقي شر من لم تكن في حياة اسرته المرشدة رحمونا!


يحدث في شهر رمضان المبارك


يمر شهر رمضان المبارك بالبعض منسابا هنيئا مبهرجا , ويمر هكذا ايضا بالجميع .
رمضان الشهي التقي الورع , ومن ثم رمضان يبقى الدهر ونحن نذهب على دفعات في الدهر. ونقول تفاؤلا عادة انشاء الله من العائدين الفائزين.
ولرمضان قدوم مبارك وذهاب جلاب , يأتي بالعيد وبالفرحة المرسومة في عيون الصغار, الفرحة التي خلقت الذاكرة الحلوة التي نعود لها كبارا بين الحين والاخر في وقفات النفس على ذكرياتها الجميلة والأيام الخوالي التي هي - ولا ادري لماذا - افضل من الأن كما سيكون الأن افضل من الأتي.
فالذاكرة لعبة شقية وذكية . الوانها زاهية ومراياها مكبرة .
والذاكرة ايضا ضمير وحارس للتراث وللعادات والتقاليد . رمضان زمان كان جميلا وطقوسيا بدرجة كبيرة . نتحرك فيه بدقة شديدة . مبرمج ومنظم وفق اعراف متوارثة منذ القدم, يتهادى ثلاثون ليلة وثلاثون افطارا على ايقاع المدافع التي تسمع في اطراف المدينة دويا مكتوما .
قالت لي امي :اعجب لماذا اندثرت عادة انطلاق المدفع عند الافطار في شهر رمضان؟ كنا نؤقت عليه شهرنا وافطارنا . نرهف اذاننا لسماع دويه المكتوم ان كنا بعيدو المشقة وترتج الارض وتهتز السماء ان كان في الجوار. يُحيي شمس النهار الأفلة . ويعطي الآذن لتلقف حبيبات التمر وتجرع اللبن هنيئا مريئا محللين صيامنا وربنا لك صمنا وافطرنا .
والحديث عن العادات الرمضانية يطول وهو ممتع ايضا و انا من الاشخاص الذين لايملون منه كما ادون كل ما اقع عليه من ذاكرة اراها مهددة بالضياع.
صديقة لي شديد" التحشيش " رأيتها عاقدة الحاجبين , عرفت ان ثمة امر يزعجها , فهي تحب رمضان وتتفنن فيه عبادة وتقوى , وتكون فية صائمة ليبية بأ متياز شديد , افضل الافطار ما تصنعه يداها واشهى المذاقات على سفرتها الرمضانية , مخترعة بارعة لموضات الشقاشق الرمضانية , ما ان تطلق احدى اختراعاتها في احدى اللمات الرمضانية الأ وتنتشر في المدينة كالهشيم لتصبح بعد اسبوع على كل سفرة ومدونة في كل نوتة رمضانية اعتادت نسوة بنغازي والبنات في تدوين محتوياتها قبل رمضان بشهر حين تبدأ حمى الاستعداد له وتفوح رائحته في هواء المدينة مع نسيم بحرها العليل الا قليلا لتمتلئ النوتة حتى اخر صفحة فيها مع تقدم الشهر وتلاقي النسوة من لمة رمضانية الى اخرى في بيوتات المدينة العامرة .
وكنت دائما اراها منهمكة في الاعداد لرمضان وشراء لوازمه وكم تدقق مليا في انتقاءها , لاترضى بغير الممتاز منها ولو كلفها الامر جولات مكوكية في ارجاء بنغازي بين متاجرها التي تتنافس في عرض افضل ما لديها وجلب حتى لبن العصفور ان كان طلبا متفق عليه. سنتها دقيقة ومِِؤكدة وانشالله لا تنقطع .

- مابك ؟ لا اراك كما كنت اراك من قبل ؟

سألتها وانا ارى تغيير ما عليها . شيء ما ينقصها . صورتها غير مكتملة.
قالت:

" انا تعبة , وكلي سأم وملل وكلل. فقدت القدرة على استطعام الاشياء.
ارى ان لامفر من الانحناء حتى تمر عاصفة رمضان الموسمية الهوجاء .
ليس رمضان ربي ما اقصد , حاشاه , انما رمضان الناس الذي شكلته بطونهم .
اتأمل يدي المتشققتين واناملي المتورمة واظافري المتقصفة واترحم على جدارتهما القديمة بدعايات المانيكير وكريمات الترطيب.
ولت ازمان النعومة وانشبت مخالب البوطاس وانياب الصوابين فيهما الجفاف والخشونة , اشلاء مخلوقين غريبين بعشرة ملامس مكدودة يئنان طيلة الليل وينبضان وجعا , وتلهج عروقهما النافرة بالسخط والتمرد.
بالامس كانتا في معمعة المعدنوس واطنان اللحم والعجائن ومايلزم . اثنتان تعملان وردية ملاكم وقاطع احجار وحامل اثقال وكيميائي احماض وجزار وكواش وحلواني ومدير مطعم مافوق الخمس نجوم وسفرجي شديد الحراك وراقص مكانسي وغاسل اتوماتيكي عتيد وعتال ومتعالج بالصدمات الكهربائية وملمع ارضيات بارع وجامع قمامة يومي ورياضي ايروبيكي ومتلقي امتعاض وسؤ تقدير وململم شعر وعاقد مناديل رأس ولاحول ولاقوة الا بالله".

رباه !
كدت انقلع من قوة عصف سخطها . ليست هي من يتكلم : عاشقة شهر رمضان بلا منازع ؟ مرسخة العادات الرمضانية المستحدثة , الآتية بالجديد والشهي واللذيذ . التقية الورعة الأخذة بالأمور الى نصابها , اول من صلت التراويح في الجامع وهاهي المدينة على غرارها تخرج نساؤها زرافات بعد الافطار لصلاة التراويح وللتلاقي وللتعارف وللتغيير. ثمة شيئ يحدث لها . هذا السخط وراءه ما وراءه . لعلها استنفدت نفسها ووصلت الى اخر مطاف اقبالها على الحياة ومباهجها . الشكوى عادة سببها الشعور بالاهمال او الاحساس بالضياع اوبعدم الجدوى حين لاتلاقي جهودنا وفرحتنا واقبالنا مرآة محبة تنعكس فيها صورتنا رائقة وجميلة.
الناس تتغير , والزمن يتغير . والمفاهيم كذلك , والعادات الجميلة تنقرض تدريجيا لتحل غيرها سواء شئنا ام امتعضنا , لا نحس بها الا حين نتوقف مرة لنبحث عنها في لحظات توقف فلا نجدها لنعرف ان شعور الضياع الذي يراودنا احيانا سببه اشياء لم تعد في مجال رؤيتنا لم نعد نحتك بها يوميا ,او ندرك وجودها بدون ان نقف لتأملها لتلقائيتها و.....
نحن كبرنا نكتشف ذلك فجأة
كلما ابتعدنا عن طفولتنا وصبانا وشبابنا كلما فقدنا القدرة على هضم الجديد.
والمدينة الآن تخلق ذاكرة ليست ذاكرتنا , تخلق ذاكرة اطفال اليوم وشبابه , ترتسم في عقولهم ليجدوها حين يكونون في عمرنا وعمر من يكبرنا سنا.
المدينة تتغير مع تغير الحراك الاجتماعي والاختلاط البشري ووفود العادات والتقاليد الجديدة مع القادمين ومع الجيل الجديد الذي انقطعت صلته مع عقود مضت , وتوثقتت صلته مع الفضائيات التى تقوم مقام التربية الاجتماعية منها يستقي افكاره وهندامه وشكل بيته وسيارته واسلوب تعامله مع الحياة في اسلوب هجين غريب.
ايضا كما قال امامي احدهم مرة وعلق في نفسي تحليله مفسحا مجالا للتأمل الاجتماعي العميق .
قال:
"اتعرفون لماذا فقدت مناسباتنا نكهتها , وفقدت طقوسها المألوفة واصبحت لا هي بالليبية ولا بالعربية في اضعف الاحوال, ودخلت عليها تأثيرات من كل الاصقاع ؟؟
لأن عجائزنا الطيبات الوقورات حاملات الاعراف ومرسخات القيم وناقلاتها وسط الخراريف في ليالي الشتاء الطويلة , حاقظات الذاكرة الجماعية , وتاريخنا الشفوي وادابنا وعاداتنا وتقاليدنا في تناقص ملفت .
انظروا في المناسبات وليعد لي احدكم كم فيها من عجوز ليبية موشومة ورصينة وسمحة اللبسة والتهنديمة بألوان رداءها الليبي الزاهية والجميلة؟
لقد غابت بركتنا , عجائزنا بتوجيههن اللطيف وغير اللطيف احيانا , "بتشقيصهن عالغلط" وبوقوفهن واشرافهن وتوجيههن , كانت كلمة "كسبس" ! مع رفعة حاجب ونظرة شزر كفيلة بتفتيت الغلط والارتداد عنه.
قل ذلك بغياب بركتنا فمنهن من توفاها الله ومن اقعدها المرض عن اداء واجبها الاجتماعي وبالتالي ومع تمرد الاجيال اللاحق ة: احيانا في العقود السابقة وفي المطلق في العقدين الاخيرين على كل ما يحملن ويرسخن من عادات محلية شديدة الخصوصة بالمدينة وعربها في ظل انفتاح العالم على بعضه في عولمة اصبحت تلقي بظلالها على كل شيء , مد مقدر لا مفر منه اخذت حياتنا تتغير.

فعلا معه حق . وايضا مع الاجيال الجديدة الحق ايضا , فعليها ان تعيش زمنها بتحولاته وحراكه , حتى وان اختلف مع زمننا كما اختلف زمننا مع زمان سابقينا .
ليلى النيهوم - صحيفة نور الفجر

Monday, October 09, 2006

من ابجدية عمياء



*حرف اعمى : ب

صخور في قبضة مضمومة. حصى ام بركة حسب الأولوية؟
واحدة تضم ماءا.
الأخرى تدفع الدفق نحو رميم حملٍ:
مثل صهباء تشربت ريح
وجوفت حفرة في الرمل.
البحيرة تجف لتصبح منقعاً موحلا خفي.
مجهول الفصول يظل في عش مرتكز على غصن متقوس.
التشبث بأي شيء
هو المجهول الذي يمكن معرفته.
غابات تصك أذانها.
وحقول عيونها. فائقة الذكاء. ويقظة في كل مكان.
لتستبين الشر الوشيك.

*حرف اعمى: س

لا شيء مضحك- وداعاً لصوت المحيط وأعشابه.
المحيطات ليست سكاكين
البحار تبتر الجسد عن الجسد. الأجساد عن العرق
الذي جلبها للحياة.
من العرق
يمكن تشييد مذبح.
من المذبح حزمة في حجم جلمد من عظام قربانيه
ُتركت من على تل مقبب حيث تتوغل طريق في الدغل قبل أن تنحدر.
تحت المذبح ماء أجاج.
تحت الماء الأجاج قلامة قمر.
مثل قوارب. أو صخور طفت بين وسائد الرعد.
زاوية رؤية ا لروح الحقيقية الفضلى ُترى
منعكسة على جلد ممطوط.




*حرف اعمى : ت

حمامة بدون ساقين . فم بدون ملح.
يرقصان . يهشمان رميم الموتى.
يلصقان شفاه على نوافذ بدون خطايا-
الخطايا تتعفن أسرع . أكثر نقاء من المآثر
المقلبة مرارا في البصاق.
طيور الُتًم سوداء الرقبة تطير في نسق مربع في السماء.
نسقها رائع
ادعى لتزيين الحديقة. نسق . إذا أعيق . يعقم الهواء
وطعم المرق أو حجر اليشب
الذي يحل مكان النظرة المزججة
او لسان لثغه’ الليمون
اقدام الرهبان تلونت ببنفسجي العنب
واغصان شائكة .
قطوعات متشابكة من انصال الاوراق الحادة.



حرف اعمى: ي

شبكية عينه منفصلة: الرجل يقتعد كرسيا ازرق ذو مسند
يتأمل الفئران راكضة على الجدران
وإناء على هيئة جرس.
هبات الذباب تتطاير عبر مجال تحديق عينه السليمة
مثلما عظام محذوفة من حجيرة هاتف.
في نفس الوقت . طائرة تهبط في المدرج.
تتوقف قرب كومة اوراق تحترق.
لم ’تجفل الفتي او ترعبه
فيما يغرس غصن شجرة خرنوب
في جثة طائر ميت .
العفونة تزكم الهواء
مثل صابون يفقد تكوينه في الُمستحم .
يفترض ان يتسلق الاولاد الاشجار
وان يسعل المسنين. ويرتجفون . ويغمغمون
ويتنهدوان عندما تصلهم رائحة اجسادهم.


شعــــر: آدم كـــــلاي
ترجمة : ليلى النيهوم


ملاحظات الشاعر :سلسلة الحروف الابجدية العمياء متأثرة على نحو ما بمقابلة في جوبيلات حول وليم بوشوف كنت قرأتها في الطائرة العام الماضي .استهوتني فكرته عن استغلال الفن لقلب الادوار على عدة مستويات وهذه القصائد كتبت ببعض افكاره متناسجة في داخلها.
يقطن آدم كلاي في نورث ويست اركنساس وجل تفكيره في البايسبول .ينشر قصائده في ذاستايل و 88.

Wednesday, May 17, 2006

الشخصيات المتروكة ولحظة الفراق الابداعى

عادة ما تقام فى نوادى الكتب فى الغرب امسيات دورية لمناقشة إصدار ادبى او ثقافى جديد وتقليب احتمالاته وما ابتدعه من جديد يحسب للكاتب ، ويرتاد هذه النوادى عُشاق الكتاب والمغرمين بفنون السرد من قصة قصيرة ورواية ومحبى الشعر وغيره من الاعمال الادبية الابداعية التى لم تعد فى يومنا الحاضر تؤمن بفواصل وحدود بين هذه الاجناس الادبية المختلفة ، كما لم تعد تؤمن بالقواعد الصارمة التى تجدد إقامة جبرية وعمراً زمنياً للشخصيات والزمان والمكان والحدث فى القصة القصيرة مثلا !
هذا التقارب الذى يتم بين المبدع والقارىء يجعل بينهما تفاعلاً ايجابياً ينتج عنه حماس لدى الكاتب للمواصلة والاتيان بالجديد ولارضاء نفسه الابداعى اولا ولارضاء القارىء المتعطش المثقف ، كما ينتج ايضا عن هذا التفاعل افكار جديدة وتوسعات ثرة فى آفاق الطرفين .
فى احدى امسيات نادى الغارديان للكتاب تصدى القراء لمجموعة قصصية للكاتبة البريطانية هيلين سيمبسون ، التى تحمل عنوان " هاى ، نعم ، اجل لتكن لك حياتك "..
يقول جون مولان : ان الامسية دارت حول سؤال ما الذى يحدث للشخصيات المتروكة فى القصة القصيرة ؟ وفى مُحيط هذا السؤال يستشهد مولان بالروائية جين اوستن وكيف انها كانت تقص على اهلها ما يمكن ان يحدث لشخصياتها بعد نهاية الرواية ، وقد تفطنت القاصة هيلين سيمبسون لهذه النقطة وارادت فى مجموعتها القصصية المتشابكة الحدود ان تجعل لشخصياتها عمرا اضافيا وان تعاود اظهارها هنا وهناك بعد انتهاء قصتها فى اكثر من قصة لاحقة فى المجموعة . غير ان قراؤها الشغوفين الذين لم تشبعهم تلك الامتدادات المتجاوزة لحيوات الشخصيات المحدودة ، ارادوا المزيد من العمر القصصى لها ، ارادوا متابعة حياتها ومعرفة المزيد عنها.
تقول احدى القارئات فى مدونتها الالكترونية – وهى بذلك تحدثت عما يدور فى خلد بعض القراء – قالت واصفة قدرة سيمبسون فى الوصول الى مكمن جوهر الحقيقة فى ظن مجموعة من الشخصيات وبقدرتها الرائعة هذه : هل ستمنحنا نحن قراؤها الا لتقاء مجدداً بهذه الشخصيات الرائعة التى شغفنا بها؟ وتضيف : كم احب ان ارى مرة اخرى " جاد " عندما تبلغ الاربعين من عمرها و" جاد " هى شخصية البنت المراهقةفى قصة الافتتاحية فى المجموعة ، وهى شخصية ذات ميول ادبية ، ترى انها بما احرزته من درجات نهائية متفوقة فى مادة النصوص الشعرية ، ترى انها مقدرة لشىء افضل من امومة رتيبة فى احدى الضواحى.
كما سأل عدة قراء القاصة فيما اذا شعرت بالاسى فى ذاتها لفراق شخصياتها المبتدعة ، وما اذا كانت راغبة ان تعرف المزيد عنهم ؟ كما لو ان نجاح القصة القصيرة اتاح لاحتمال مثير لفكرة المزيد من تاريخ وسيرة الشخصية.
ايضا اراد العديد من القراء ان يدفعوا بالمجموعه القصصية قدماً نحو شكل اقرب للرواية كوسيلة منهم لابداء تعاطفهم ، بل ان احدهم تجرأ وسأل القاصة المعروفة فقط بنشر القصص القصيرة : متى تتكرم وتكتب لهم رواية ، وهو السؤال الذى حظى بصمت من القاصة.

يقول مولان : ان اكثر الشخصيات التى لاقت اهتماماً كانت " دورى " العاثرة الحظ ، نقطة الارتكاز فى القصة التى تحمل اسمها المجموعة القصصية والتى عادت للظهور ايضا فى القصة الاخيرة بالمجموعة. كانت ردود فعل القراء متعددة ومتباينة ، بعضهم احتج على وصف سيمبسون لدورى كونها اشبه بممسحة الاقدام وآخرون رأوا فى ان كثرة تذمر زوجها منها لايعنى انها لاتصلح ان تكون اماً رائعة ، آخرون اعجبوا ببحثها عن الخلاص ، ونيتها للهروب، والغير اثنى على قدرتها على تحمل زوجها ، وهى شعبية حازتها" دورى " كشخصية مرسومة بدقة وبراعة وواقعية ، لحتى يصعب فراقها عند نهاية الرواية ، وهو شعور مريع يعترى كل القراء فى كل الازمان ، فلكم اجل البعض لحظة الانتهاء من القراءة لاجل ان يعيش فى الزمن الاحتياطى خوفا من لحظة الفراق..

Sunday, May 14, 2006

كافكا على الشاطئ - غراب الفضاءات السلبية

بُنيت رواية " كافكا على الشاطىء" وهى الرواية العاشرة للروائى اليابانى " هاروكى مورا كامى" حول الراوى كافكا تامورا فتى الخامسة عشر الذى يروى قصته وقصة ناكاتا الابله بتوالى وتوازى . وهذه الرواية التى تشبه الاستماع الى موسيقى يعتورها صوت صرير كرسى العازف ورغم ذلك يندمج الصرير فى اللحن وتمضى الموسيقى الى أوجها .
تبدأ الرواية عند هرب كافكا تا مورا فى ليلة عيد ميلاده الخامس عشر من بيته ومن والده النحات الشهير كويتشى تامورا لنعرف ان العلاقة بينهما ساءت جداً وان كافكا الذى حُرم من امه واخته مُذ كان فى الرابعة من عمره يحمله والده اوهاما أوديبية ويلقى عليه نبؤة اشبه بلعنة مقيتة حين يقول له : "يوما ما ستقتل أباك لتبقى مع امك مثل قدر "أوديب " وستراود اُختك ولامفر لك من قدرك هذا".
كافكا الذى يُخاطب فى خياله فتى يُسمى الغراب يلتبس ايضا فى الرواية مع كافكا الشاعر المعروف والذى يصر الروائى على ان نعرف ان كافكا فى التشيكية تعنى الغراب فى مفارقة لن تخفى على من يعرف تاريخ الغُراب مُنذ بدء الخليقة.
يخبر كرو كافكا ان المسافات لاتحل المشكلة ،" هى لم تفعل ذلك مع اوديب رغم كل ما فعل" ورغم ذلك يهرب كافكا قاصداً ابعد مكان عن ابـيه وعن لعنته.
فى الموازاة السردية وعبر فصول غريبة الترقيم نتعرف على شخصية ناكاتا ، المُسن والامى الساذج الذى لم يشف قط من حادثة وقعت له فى صباه عندما كان فى رحلة مع فصله واستاذه لجمع الفطر من الغابة حيث شع حينذاك برق فضى في المكان فجأة ليدخل الجميع فى غيبوبة ، خرجوا منها سريعاً ماعدا ناكاتا الذى استيقظ من الغيبوبة بعد عدة اسابيع ممحي الذاكرة تماما ومفرغا من الحياة، شىء ما افرغ عقله وتركه بطىء الفهم ولم يتعلم القراءة قط بعد ان كان قبلها فتى ذكياً...
تقود الصدفة ناكاتا الى بيت النحات كويتشى تامورا والد كافكا بعد رحيله بايام قليله ، وتقوده اوهامه الى ان يتخيل النحات قنينةًًًًًً " جونى والكر" ويتراءى له الرجل يتقمص جونى والكر الذى يسمْ ذاك النوع من الشراب فيقوم بقتله ويفر الى حيث فر كافكا قبله فى رحلة أفضت بالأثنين الى حيث توجد مكتبة خاصة صغيرة فى بلدة تاكاما تسو الريفية . ومن ثم الى ملتجى جبلى حيث لامكان للقوانين المُعتادة . وفى هذا المكان يقع كافكا فيما وقع فيه اوديب قبله ، فكلما حاول الفكاك من قدره ، كلما اقترب من تحقيقه . مثله ايضا يخرج ناكاتا بحثا عن مطلب غريب لايفقه مغزاه : حجر الدخول الذى يكون احيانا بخفة الريش ويثقل احيان اخرى لتنوء بحمله الرجال..
تندفع هذه الخيوط الروائية بعنف وبلا هوادة قدماً مثل قطارات تجرى على سكك حديدية متوازية. وان كنا ندرك انها رغم هذا التوازى حتما ستلتقى فى نقطة ما ، ولكنا لانعرف متى أو أين او كيف تُخلق الإثارة التى تجعل هذه الرواية آسرة جدا ذات اسلوب اشبه بحلم واقرب الى سورياليةاكوبو آبى الفاقعة والفاجعة..
تقوم رواية " كافكا على الشاطىء" على امتدادها بفحص ، وأحيانا تحدى مفاهيمنا للزمن ، فأحكام الزمن المعروفة لا تسود فيها ، ولا تسيطر على أمكنتها وأشخاصها ، يتمدد الزمن فيها ، ويتقلص ، وكل ذلك على هدير وتلكؤ القلب ، وكذلك تحدى مفاهيمنا للقدر والصدفة والحب وطبيعة الحقيقة البشرية في عمقها .. تمنحنا الرواية صنوفا غنية من شخصيات غير اعتيادية وأحداث عنيفة.. عشاق حسيين شبحين للجنرال ساند رز الخارق للطبيعة ، المُتغير الهيئات ، الرائى الشمولى الذى ليس ببوذا ، وليس إلهاً ، واسماك تسقط من السماء ، وحوارات بين رجل وقطة وغانية متفلسفة وجندى من الحرب العالمية الثانية لم يمسهُ الزمن. واشياء اخرى اكثر غرابة وروعة ، حيث تنشطب الحدود الفاصلة مابين الماضى والحاضر ، الحلم واليقظة ، الفنتازيا والحقيقة ، وتنعتم لتمتزج داخل مرح ميتافيزيقى لتظل ثمة اشياء على المحك فى الرواية . فثمة جريمة قتل عنيفة تستوجب حلا ، وثمة علاقة آثمة على وشك الوقوع ، معقدة وتستوجب ايضا فك خيوطها المريبة والوقوف فى وجهها كى لاتقع وكى لاتتحقق النبوءة المريعة ، وكذلك طبيعة الواقع التى فى ذاتها تتأرجح على كفة الميزان .
رواية " كافكا على الشاطىء" لاتقترب من أى شاطىء اطلاقا ، غير حالة الغرق التى تنتاب كافكا ، الغرق النفسى ، حيث يسود الرواية إحساس قاتل بالفقد ، وكأنما كافكا يلصق وجهه على زجاج نافذة تطل على عوالم اُخرى اكثر كمالا وصعبة المنال .
هى رواية مكتوبة ببراعة وبطموح وبعاطفة مشبوبة وبرشاقة تتجلى فى اسلوب مورا كامى التخييلى الفذ ، ففيها يستعير مورا كامى من كل شىء : من سوفكليس وافلام الرعب والخيال العلمى والرسوم المتحركة اليابانية ، وهى فى ذات الوقت واقعية وان كانت لاتخلو من العناصر السحرية مما تاخذ القراء ليجدوا انفسهم يرغبون فى تقليب الصفحات اسرع فاسرع ليكتشفوا ما سيحدث ، ويُبطئوا ايضا ليتذوقوا عمق وجمال اسلوب مورا كامى السردى .
وُلد هاروكى مورا كامى فى طوكيو عام 1949م. وكان فى البداية يُدير نادى للجاز ثم تحول الى الكتابة..ترجمت اعماله الى 39 لغة ، ومن بين عديد الجوائز التى نالها ، تحصل مؤخرا على جائزة يومييورى الادبية التى سبق وحازها كل من : يوكيو ميشيما وكينزا بورو آبى وكوبو آبى اشهر الروائيون اليابانيون..
تقع الرواية فى 436 صفحة وقد ترجمها الى الانجليزية فيليب غابرييل وهى من منشورات (knopf)
ليلى النيهوم









الرحيل عن مدينة يوبا




استلقي علي العشب
أنصت إلى النهر داخلي
ينبض ويزبد، يجيش عالياً
صفق صخرة قلبي المطبقة
لينبثق اخيراً من رأسي
نافورة سوداء
وخلفي ينقض السحاب ويغوص
علي أجنحة ورقية
تعلو أسوار القصر اكثر
حجراً، حجراً حتى تخرج عن إطار اللوحة
النهر عميق ألان وساكن
بحيرة معتمة مكتظة بالسمك الأزرق
ولكن انتظر
الأرض تميد بي، ونباتات المجزاعة
تحيد عن جسدي
وأنا أقع
تكوّب البحيرة أصابعها المائية صوبي
فيما تتوامض الأسماك
مثل ضوء علي جليد المساء
حصباء النهر لآلئ وليدة
والماء يرتفع
وأنا اختفي، رجلاي ، وسطي، ابطاي
يتماوج شعري إلى الأعلى
خصلة من حرير ذائب
امنح وجهي للنهر وخطوط جبهتي وكفاي
وما إن تذوب أخر خلية
أخر صيحات طيور البحيرة
سأنصت مرة أخري للنهر داخلي

شعر / تشيترا بانيرجي ديفاكاروني – الهند
ترجمة/ ليلى النيهوم